لم يجد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، بعد مرور ثلاث وعشرين سنة على إنشاء الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، سوى الآن ليكتشف أن مستخدمي الوكالة يستحقون قانونًا أساسيًا جديدًا ومحفزًا. لحظة “الوعي المتأخر” هذه تطرح سؤالًا صريحًا: أهو وعي تدبيري أم صحوة انتخابية محضة؟
وحسب المعطيات التي وردت في جوابه الكتابي على سؤال برلماني، يقدّم الوزير مبادرته كما لو أنها ثمرة مخطط استراتيجي عميق، لكن المتتبع للشأن العمومي لا تفوته ملاحظة أن هذا النوع من الخرجات غالبًا ما يطفو على السطح كلما ضاقت المسافة بين الحكومة والصناديق.
وكأن الأمر لا يتعلق بإصلاح بنيوي، بل بجرعة مسكنات اجتماعية لتلطيف الأجواء قبيل المحطة الانتخابية.
كشفت نفس المصادر أن الوكالة، منذ 2006 وحتى 2026، لم تتوقف عن صياغة المخططات والرؤى والخرائط، لكنها في الجوهر لم تمنح موظفيها قانونًا محفزًا يليق بدورهم المركزي في تنزيل السياسات العمومية للتشغيل.
فأي قيمة للخطط الاستراتيجية إن كانت لا تُترجم في تحسين ملموس للأوضاع المادية والمهنية للموارد البشرية؟
ومهما حاول الوزير التذكير بأن الحوار الاجتماعي يشكل آلية أساسية، فإن التجربة المغربية علمتنا أن هذا الحوار كثيرًا ما يتحول إلى مجرد طقس موسمي، ينعقد حين تُستشعر حرارة الشارع، أو حين تقترب الحملات الانتخابية. وهنا يطرح السؤال بحدة: أليس من حق مستخدمي الوكالة أن ينالوا قانونهم الجديد بعيدًا عن حسابات الظرف السياسي؟
السكوري، في خطابه، بدا وكأنه يعزف على وتر المشاركة والتشاور، غير أن جوهر القضية أعمق: فالوكالة، باعتبارها الذراع العملي للحكومة في إنعاش التشغيل، لم تستطع إلى حدود اليوم تقديم الجواب المنتظر عن هواجس آلاف الشباب العاطل. وما لم يُحسم في سنوات، يصعب أن يُحل بين عشية وضحاها بوعود متأخرة.
إن الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في صياغة قانون أساسي جديد للمستخدمين، بل في مصداقية هذا الإصلاح: هل سيكون أداة فعلية لتحفيز الموارد البشرية وضمان حقوقها، أم مجرد ورقة أخرى تُستعمل في بازار الوعود الانتخابية؟