لم يعد اسم فوزي لقجع مجرد علامة في مجال كرة القدم أو شؤون الميزانية، بل صار عنوانًا لمرحلة كاملة في المشهد السياسي–الاقتصادي المغربي.

رجل يتحرك بين عالم الأرقام الصارمة في وزارة المالية، وعالم الصفقات الكبرى في البنيات التحتية والمشاريع الرياضية، ليُقدَّم اليوم باعتباره أحد أبرز صناع القرار في “دولة المونديال” و”مغرب 2030″.

منذ سنوات، صنع لقجع لنفسه موقعًا استثنائيًا عبر كرة القدم. قيادة المنتخب إلى نصف نهائي كأس العالم في قطر رفعت مكانته، لكن الإنجاز الرياضي لم يكن سوى بوابة عبور نحو بناء نفوذ ممتد يتجاوز الجامعة.

اليوم، الرجل هو وزير مكلف بالمالية والميزانية، وفاعل مركزي في ملفات مونديال 2030، ووجه بارز داخل الكاف، أي أنه حاضر في كل فضاء تتحرك فيه المصالح الكبرى للدولة.

في مشاريع التحضير للمونديال، يمسك لقجع بخيوط متشابكة: من تمويل الملاعب إلى البنيات التحتية، من التفاوض مع الشركاء الدوليين إلى توزيع الصفقات على مقاولات وطنية وأجنبية.

وتقدّر قيمة هذه المشاريع بمئات المليارات من الدراهم، لكنها ما تزال تفتقر إلى نقاش عمومي واضح حول معاييرها وشفافيتها. وهنا يطرح السؤال: هل تُدار هذه الأوراش بمنطق الدولة الحديثة التي تُخضع كل شيء للرقابة، أم بمنطق الشخص الذي يحتكر الأدوار؟

الأرقام بدورها تكشف الكثير. في كل مشروع مالي كبير، من قانون المالية إلى اعتمادات البنيات التحتية، يظهر توقيع لقجع.

لكن خلف هذه الأرقام، توجد صفقات كبرى ترسم ملامح اقتصاد جديد يتداخل فيه العام والخاص. هل نحن أمام إصلاح اقتصادي مهيكل، أم أمام تكريس لتمركز القرار في يد رجل واحد يوزع الامتيازات ويحدد الأولويات؟

هذه الصورة تعززها أيضًا مواقعه الخارجية. فوزي لقجع ليس مجرد وزير داخلي، بل عضو فاعل في أجهزة الكاف، ورجل يتفاوض باسم المغرب داخل أروقة الفيفا. هذا البُعد الدولي يمنحه قوة إضافية، لكنه يفتح أيضًا الباب على أسئلة حول تضارب الاختصاصات: هل يمثل الرجل الرياضة أم المالية؟ هل يتحدث باسم الجامعة أم باسم الدولة؟

الانتقادات التي تصدر من بعض الأوساط لا تستهدف كفاءة لقجع – التي لا ينكرها أحد – بقدر ما تستهدف تركيز السلطة في شخص واحد.

فالمونديال مشروع وطني ضخم يمس قطاعات الاقتصاد، السياحة، والهوية، لكن غياب المؤسسات الوسيطة الفاعلة يجعل صورته مرتبطة بشخصية واحدة.

وهذا ما يضع مستقبل المشروع كله في خانة الغموض: ماذا لو تحولت القرارات إلى رهينة شخص واحد بدل مؤسسات متعددة؟

إن لقجع، رجل الدولة المتعدد الوجوه، يختصر اليوم مفارقة كبرى: في الخطاب الرسمي نسمع عن مؤسسات، عن رؤية إصلاحية، وعن دولة حديثة، لكن في الممارسة نرى رجلاً يراكم الأدوار ويمسك بخيوط السياسة والاقتصاد والرياضة في آن واحد.

وبين الأرقام التي يضبطها بصرامة، والصفقات التي يرعاها بدقة، يظل السؤال مفتوحًا: هل هو مهندس الإصلاح الموعود، أم عنوان مرحلة جديدة من تمركز السلطة في زمن مغرب 2030؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version