كشفت وسائل إعلامية محلية أن عشرات المواطنين خرجوا، يوم الثلاثاء، في وقفة احتجاجية أمام مقر عمالة إقليم زاكورة، قادمين من دوار أيت أولحيان التابع لجماعة أيت بوداود بقيادة تازارين، وذلك للتنديد بما وصفوه بـ”الإهمال والتهميش”، بعد تفاقم معاناتهم المزمنة مع انعدام الماء الصالح للشرب.

الساكنة المحتجة لم تطالب سوى بحق بسيط ودستوري: شربة ماء. بعد أن سئمت من النداءات المتكررة للمسؤولين، والتي بقيت دون تفاعل يليق بخطورة الوضع، حيث يتحول البحث عن المياه إلى معاناة يومية تثقل كاهل الأسر، وتستهلك وقتهم وكرامتهم، خصوصاً حين يضطر البعض للتنقل على ظهور الدواب لمسافات طويلة من أجل ملء بضع قنينات لا تكفي حتى لسد حاجيات يوم واحد.

وبحسب المعطيات ذاتها، فإن الساكنة سبق لها أن نظمت وقفات متعددة، وراسلت الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، لكن دون أي تجاوب فعلي. وبدل تقديم حلول عاجلة، تلقى السكان تبريرًا غريبًا من أحد مسؤولي الجماعة، مفاده أن الشاحنات الصهريجية لا تصل إليهم لأن “الجماعة ماعندهاش البنزين”.

في المقابل، لا يمكن إغفال المفارقة التي باتت تثير استياء الكثير من المواطنين: ففي الوقت الذي يُحرم فيه سكان دواوير بكاملها من حقهم في الماء، تُخصص مليارات الدراهم في مشاريع كبرى مرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030، وتجهيز البنيات التحتية الرياضية والسياحية.
فهل أصبحت “الفرجة” أولوية على حساب أبسط شروط العيش الكريم؟

إن مشكل الماء في دوار أيت أولحيان ليس استثناءً، بل جزء من خلل أوسع في تدبير الأولويات، حيث تعاني مناطق بكاملها من التهميش، بينما يتم تسويق صورة وردية عن مغرب يتقدم بسرعة، لكن على حساب من لا صوت لهم.

وفي ظل هذا التفاوت، تبرز أسئلة مؤجلة:
أين تذهب وعود العدالة المجالية؟
وما موقع العالم القروي في خريطة التنمية؟
وهل يعقل أن يُربط إيصال الماء بـ”توفر البنزين”، في مغرب يتحدث عن الجهوية المتقدمة والمخططات الكبرى؟

الواقع أن ما يعيشه سكان أيت أولحيان يعكس ضعف تواصل الحكومة مع المواطن البسيط، وغياب آليات ناجعة للاستجابة لمطالب اجتماعية مشروعة لا تحتمل التأجيل أو التبرير، فالماء ليس ترفًا، بل ضرورة يومية لا تستقيم الحياة بدونها.

وفي انتظار أن يتحقق الحق البديهي في “الوصول إلى الماء”، تظل مناطق مثل أيت أولحيان تعيش على الهامش، وتُروى فقط بخطابات موسمية لا تسمن ولا تغني من عطش.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version