تعيش الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) حالة ترقب غير مسبوقة، بعد تسرب معطيات تفيد بإمكانية إعفاء مديرها العام، بناصر بولعجول، الذي قضى سنوات طويلة على رأس الوكالة دون أن تطاله أي مساءلة جدّية رغم تواتر الانتقادات حول ضعف مردودية السياسات الطرقية.

كشفت مصادر متطابقة أن وزير النقل واللوجيستيك، عبد الصمد قيوح، يدرس منذ مدة خيار إنهاء مهام بولعجول، في سياق إعادة ترتيب البيت الداخلي للقطاع، مع تداول اسم بديل محسوب عليه لتولي المنصب. غير أن أي تأكيد رسمي لم يصدر بعد بشأن هذا الإعفاء أو التعيين المرتقب.

بالعجول، الذي رافق تأسيس “نارسا” منذ بداياتها، راكم حضوره داخل الوكالة، لكن مساره لم يكن في مأمن من الجدل، خصوصاً وأن أرقام حوادث السير لا تزال مرتفعة، فيما بقيت مؤشرات السلامة الطرقية بعيدة عن الأهداف المسطّرة.

ورغم طول مقامه في المؤسسة، ظلّ خارج دائرة المساءلة الفعلية، ما جعل كثيرين يتساءلون عن سرّ هذه “الحصانة” غير المعلنة.

الجدل الأخير حول مراقبة الدراجات النارية المعدّلة فجّر هذه المرة موجة غضب واسعة، بعدما اعتمدت “نارسا” إجراءً تقنياً لم يجد له أساساً قانونياً متيناً، ليُعلّق رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الحملة بشكل مفاجئ ويمنح مهلة انتقالية لسنة كاملة.

خطوة وُصفت في الكواليس بأنها “سحب للبساط” من تحت أقدام الوكالة، وإشارة واضحة إلى أن تدبير الملف لم يكن موفقاً.

الأصداء وصلت أيضاً إلى البرلمان، حيث وجّه النائب الحركي محمد وازين سؤالاً كتابياً إلى وزير النقل حول حيثيات القرار، متسائلاً عن غياب رؤية متكاملة تشمل المراقبة منذ مرحلة الاستيراد والتوزيع، بدل تحميل المستعمل النهائي وحده تبعات الخلل.

اليوم، وأمام تصاعد حوادث السير وتراكم الانتقادات، يبدو أن ساعة التغيير في “نارسا” قد اقتربت. لكن السؤال الأعمق يظل مطروحاً: هل يكفي إعفاء مدير ظلّ لسنوات بعيدا عن المحاسبة، أم أن أزمة السلامة الطرقية أعمق من مجرد أسماء، وترتبط بالمنظومة برمتها وبطريقة تدبير المال العام داخل القطاع؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version