لم يكن عرس “موسى” مجرد حفل زفاف فاخر، ولا مناسبة اجتماعية خاصة أُسدل عليها ستار البذخ والمظاهر. فالثراء، في حد ذاته، لا يُحاسَب عليه إلا حين يُصبح مشبوه المصدر.

لكن ما وقع في الناظور لا علاقة له بالأرقام ولا بالسيارات الفارهة، بل بمنظومة كاملة بدت وكأنها سُحبت من المشهد، تاركةً المجال لفوضى علنية تطرح أسئلة عميقة عن حضور الدولة في اللحظات التي يُفترض أن تكون حاضرة فيها.

كشفت مصادر إعلامية أن الحفل، بما صاحبه من إطلاق نار في الهواء، وإغلاق غير معلن للشوارع، وتجمهرات عشوائية، وضجيج غير مبرّر، لم يكن ليحدث لولا تساهل أو تغاضي من الجهات المسؤولة.

فهل يُعقل أن تمرّ كل هذه المظاهر أمام أعين السلطات المحلية والأمنية دون تدخل؟ من القائد إلى الباشا، ومن العامل الإقليمي إلى الدرك الملكي، كلهم غابوا، أو أُسكتوا، في لحظة كان فيها الحضور ضرورة مؤسساتية لا مجرّد خيار إداري.

هل نحن أمام خطأ جسيم في التقدير؟ أم أمام تواطؤ صامت؟ أم لعلنا إزاء خلل أعقد، عنوانه غياب آليات الاستباق والرصد؟
في جميع الحالات، المسؤولية جماعية، ولا يمكن تحميل فرد واحد تبعات انهيار الهيبة المؤسساتية في منطقة بأكملها.

الأخطر من ذلك، أن معطًى حساسًا جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يفيد بأن الشخص المعني قد يكون مبحوثًا عنه. وإن صحّ هذا المعطى، فإن السؤال يصبح أكثر إلحاحًا: هل تم التحقق؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فأين كانت الأجهزة؟
إن ثبتت هذه المعلومة، فإننا لا نكون أمام مجرد حفل، بل أمام خللٍ أمني عميق، سمح — بشكل مباشر أو غير مباشر — لشخص فارّ من العدالة أن يحتفل بشكل استعراضي، تحت الأضواء، وداخل “مسرح مفتوح”، شارك فيه فنانون معروفون وحشود من الناس… دون أن يرفّ جفن.

لسنا هنا بصدد قصة زفاف، بل أمام صورة جماعية لفراغ الدولة، التقطتها عدسات الهواتف، وحرّكتها تعليقات الناس.
لحظة عابرة؟ ربما. لكنّها تكشف عن أعطاب غير عابرة.

إن اختزال الحكاية في اسم “موسى” هو نوع من التمويه، لأن القضية الحقيقية ليست في صاحب الحفل، بل في مَن غاب، ومَن سكت، ومَن سمح، ومَن كان عليه أن يتدخل ولم يفعل.
إنها قضية مساءلة، تبدأ من الأعلى، ولا تقف عند عتبة السلطة المحلية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version