كشفت مصادر إعلامية أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة خصصت ما يفوق نصف مليار سنتيم (5.356.176 درهماً) لبناء ستة ملاعب للقرب بالعشب الاصطناعي في جماعات سيدي بوصبر وسيدي أحمد الشريف وونانة وقلعة بوقرة وتروال، التابعة لإقليم وزان.

ووفقاً لوثيقة رسمية اطلعت عليها نيشان، تحمل توقيع المديرة الإقليمية للتعليم بوزان خديجة بن عبد السلام، فإن فتح الأظرفة المتعلقة بطلب العروض رقم 081/SPO/INV/2025 مقرر في العاشر من شتنبر المقبل. المقاولات المتنافسة مطالَبة بإيداع ملفاتها عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية، مع تقديم ضمان مؤقت بقيمة 100 ألف درهم.

الوزارة تقدّم هذه العملية باعتبارها جزءاً من برنامج يهدف إلى توفير فضاءات رياضية لشباب ظلوا لعقود يفتقرون لأي متنفس. لكن خلف هذا الخطاب الإنشائي، تتسلل أسئلة صعبة: أليس الأولى أن تُرمم أقسام متهالكة يدرس فيها أبناء نفس القرى؟ أليس الأجدر إصلاح شبكة طرق متدهورة تزيد من عزلة الساكنة، بدل تبليط مساحات بالعشب الاصطناعي؟

مصادر محلية، استقتها نيشان، تحدثت عن “مفارقة في ترتيب الأولويات”، مؤكدة أن تخصيص نصف مليار سنتيم لملاعب كرة القدم لا يعكس حقيقة الحاجيات الملحة للمنطقة. فما جدوى ملعب يلمع في النهار، إذا كان القسم الذي يدرّس فيه الأطفال ينهار مع أول مطر؟ وما قيمة العشب الاصطناعي إذا كان الطريق المؤدي إلى المدرسة لا يصلح لعبور شاحنة أو دراجة نارية؟

المبادرة في ظاهرها تحمل عنوان “التنمية الرياضية”، لكنها قد تتحول في العمق إلى مجرد عملية تجميلية فوق أزمات بنيوية مزمنة. فالشباب قد يجدون ملعباً للركض، لكن أسرهم ستظل محاصرة بعزلة الطرق، وأطفالهم سيواصلون الدراسة في فصول بلا سقف يحميهم من المطر والبرد.

هنا يطل السؤال المربك: هل التنمية تُقاس بعدد الملاعب التي تُشيَّد، أم بعدد المدارس التي صارت صالحة لاستقبال التلاميذ؟ وهل نصف مليار سنتيم كافٍ لبناء جسور الثقة بين المواطن والدولة، أم أنه مجرد فاتورة جديدة تُسجَّل باسم “الأولويات المعكوسة”؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version