كشفت مصادر إعلامية أن المستشفى الإقليمي بمدينة تاونات عاش مساء الاثنين على إيقاع احتجاجات حاشدة لعشرات المواطنين، رفعوا شعارات قوية ضد ما وصفوه بـ”التدهور الخطير” للمنظومة الصحية بالإقليم، مطالبين بحقهم البديهي في العلاج دون أن يتحول إلى رحلة عذاب نحو مدينة فاس.

هذه الوقفة، التي دعا إليها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن سوى تعبير جماعي عن غضب ساكنة أنهكتها وعود الإصلاح، وضاق بها ذرع الانتظار أمام أبواب مرفق عمومي يعيش حالة “احتضار معلن”.
المحتجون شددوا على أن المستشفى بات عنواناً لمعاناة يومية، حيث غياب التجهيزات وضعف الموارد البشرية يجعل أبسط الحالات المرضية سبباً في مآسٍ مضاعفة.

كشفت مصادر مدنية أن المستشفى يعاني من اختلالات صادمة: غياب الأسرة، نقص الأدوية، ضعف مصلحة الإنعاش، وانعدام العناية الكافية بالنساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، حتى أن المرفق لا يتوفر على ميزان لوزن الرضع، وهو أبسط ما يمكن أن يوجد في أي مؤسسة صحية تحترم نفسها.

لكن خلف هذه الصورة القاتمة، يلوح سؤال أكبر: كيف لوزارة الصحة التي أغرقت الرأي العام بأرقام الصفقات والبرامج والمخططات، أن تعجز عن توفير أساسيات بسيطة لمستشفى إقليمي؟ الوزير الذي يوقّع كل أسبوع عشرات طلبات العروض وصفقات التجهيز، لم يستطع أن يُقنع مواطناً واحداً في تاونات بأن “المال العام يجد طريقه إلى المريض”. كثرة الصفقات بلا أثر ملموس، تحولت إلى مرآة لسياسة “التباهي بالورق بدل الإنصات للواقع”.

إن صرخة تاونات ليست حادثاً معزولاً، بل علامة على خلل وطني يتكرر: منظومة صحية تتزين بالأرقام والموازنات، لكنها تتهاوى أمام أول اختبار ميداني.
فالمواطن الذي يصرخ اليوم في تاونات هو ذاته الذي يصرخ غداً في زاكورة أو جرادة أو طاطا. والوزير الذي يتحدث عن “إصلاح شامل” يجد نفسه أمام سؤال بسيط: أين تختفي نتائج كل تلك الملايير المرصودة في صفقات تتكاثر كالفطر؟

تاونات، إذن، لم ترفع فقط مطلباً محلياً، بل قدّمت صورة مكثفة لفشل السياسات الصحية: صفقات بالملايين على الورق، وغياب ميزان لرضيع في الواقع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version