حين يسقط البرلمان في فخ “الكوبي–كولي”، لا تعود القضية مجرد زلة عابرة، بل علامة دامغة على انهيار معنى المؤسسة.
البرلمان، الذي يُفترض أن يكون معملًا لإنتاج المبادرات وفضاءً لصياغة الأفكار، وجد نفسه في قلب فضيحة عبثية، حيث لم يتردد نائب برلماني عن الأصالة والمعاصرة في توجيه سؤال كتابي لرئيس الحكومة بتاريخ 26 يونيو 2025 حول البنيات الرياضية بمدينة سلا، مركزًا على غياب مركب بمعايير دولية.
بعد أقل من شهرين، وتحديدًا في 25 غشت، ظهر نفس السؤال بنفس الكلمات والترتيب تقريبًا، لكن هذه المرة على لسان مستشار برلماني. الفارق الوحيد كان في التوقيع، أما المضمون فظل نسخة طبق الأصل، كأننا أمام ورشة قصّ ولصق لا أمام قبة تشريعية.
الفضيحة لا تُقرأ في تفاصيلها فقط، بل في رمزيتها. حين يعجز نائب عن صياغة سؤال أصيل، فإن الأمر لا يكشف فقط عن فقر فكري، بل يفضح هشاشة نزاهة سياسية باتت رهينة بالمنقول والجاهز.
وحين يرى المواطن أن ممثليه يقتاتون على نصوص منسوخة، يفقد ما تبقى من الثقة في العملية السياسية برمتها.
البرلمان لا يحتاج إلى “نواب ناسخين”، بل إلى عقول مبدعة تحوّل تطلعات المواطنين إلى تشريعات حقيقية. وما جرى في هذه الواقعة لم يكن حادثًا عرضيًا، بل جرس إنذار يذكرنا أن المؤسسات لا تنهار بالضجيج، بل بالكوبي–كولي الصامت الذي ينخر الفكر قبل أن ينهش الثقة.