في خطوة تعكس حجم التوتر الصامت داخل الأغلبية، أصدرت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين مذكرة مفصلة حول مشروع قانون المالية 2026، بدت في نظر مراقبين أقرب إلى “برنامج انتخابي” منها إلى مساهمة تقنية، بما تضمنته من اقتراحات جريئة وانتقادات لسياسات حكومية، رغم أن حزب الاستقلال جزء من الفريق الحاكم.

كشفت مصادر إعلامية أن المذكرة شددت على ضرورة إعادة تحديد عناصر احتساب مؤشر السجل الاجتماعي الموحد قصد تحسين استهداف المستفيدين من الدعم المباشر.

وذهبت أبعد من ذلك باقتراح مراجعة قوائم المؤهلين بشكل أسرع، وإعادة النظر في معايير الأهلية، مع تتبّع استهلاك الأسر للسلع والخدمات غير الضرورية على مدى ستة أشهر قبل إعادة تقييم وضعيتها.

ولم يقتصر الأمر على الدعم الاجتماعي، بل دعا الاستقلاليون إلى تعديل نظام التأمين الإجباري عن المرض بما يراعي خصوصيات العمال الموسميين، وضمان الحفاظ المؤقت على حقوقهم الاجتماعية حتى في حالات العمل غير المنتظم، تفادياً لهروب أجراء القطاع الفلاحي نحو الاقتصاد غير المهيكل.

أما في الجانب الاقتصادي، فقد حملت المذكرة لهجة قوية ضد المضاربات التي يقوم بها الوسطاء في أسواق اللحوم، معتبرة أن التحكم في الأسعار يمر عبر إعادة تشكيل القطيع الوطني، وخاصة الأبقار، وضمان تموين الأسواق باللحوم الحمراء ومنتجات الحليب بكميات كافية.

وبخصوص التشغيل، رصد الاقتصاديون الاستقلاليون محدودية أثر برامج “إدماج” و”تحفيز” و”تأهيل”، داعين إلى وضع أهداف دقيقة، وتوسيع نطاقها الترابي، وتوفير مواكبة فعلية للمستفيدين، مع تحسين التنسيق بين المؤسسات المعنية.

بهذا النفس النقدي، يكون حزب الاستقلال قد بعث برسالة مزدوجة: خطاب موجه للناخبين المتضررين من الغلاء، وإشارة غير مباشرة لحليفه التجمع الوطني للأحرار، بأن معركة 2026 بدأت تُكتب بين سطور قانون المالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version