مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عاد النقاش حول المستوى التعليمي للمترشحين لعضوية مجلس النواب إلى الواجهة، بين مطالب مدنية بفرض شهادة الباكالوريا كحدٍّ أدنى، وصمت الأحزاب السياسية التي لم تُدرج هذا الشرط ضمن مذكراتها المرفوعة إلى وزارة الداخلية.

كشفت مصادر إعلامية أن بعض الهيئات الحزبية تبرّر هذا الموقف بالتخوف من شبهة “عدم الدستورية”، غير أن المراقبين يرون أن السبب أعمق، ويرتبط بالرهانات الانتخابية المباشرة: فالأعيان ومالكو النفوذ والمال يشكّلون رصيدًا انتخابيًا يصعب على الأحزاب الاستغناء عنه، حتى وإن كان مستواهم التعليمي محدودًا.

الأرقام المسجَّلة داخل المؤسسة التشريعية تزيد من حدة الجدل: 291 نائبًا تغيّبوا عن جلسة التصويت على قانون الإضراب، و333 نائبًا غابوا عن مناقشة إصلاح منظومة العدالة.

هذه المعطيات تطرح سؤالًا جوهريًا: هل تكمن المعضلة في الشهادات، أم في غياب الالتزام والمسؤولية؟

إن اختزال أزمة البرلمان في مستوى الباكالوريا وحده قد يُبسط النقاش، بينما الواقع يكشف عن أعطاب أكبر مرتبطة بالغياب، والزبونية، والمال الانتخابي.

فحتى لو فُرضت الشهادات العليا، فإن غياب النزاهة والشفافية سيبقى عائقًا أمام الارتقاء بالعمل التشريعي.

إن الإصلاح الحقيقي يبدأ بربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة الاعتبار لمفهوم “ممثل الأمة” الذي يقتضي الحضور الفعلي، والمشاركة الجادة، والقدرة على خوض نقاشات رصينة، بعيدًا عن منطق المقاعد المحجوزة أو الصفقات الانتخابية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version