اليوم يطل وزير العدل عبد اللطيف وهبي باعترافات مرتبكة تكشف عمق الأزمة السياسية في المغرب.
فبدل أن يقدّم للرأي العام حصيلة واضحة تربط المسؤولية بالمحاسبة، لجأ وهبي إلى خطاب متردد يكرّر: “ربما أخطأنا، ربما لم نقدر الأمور، ربما لم نلبِّ المطالب المباشرة للشباب، وإذا أخطأنا فنحن نملك من الشجاعة لنقول أخطأنا.”

لغة الاعتراف التي تبنّاها الوزير توحي بالشجاعة، لكنها في جوهرها لا تعدو كونها تمريناً خطابياً يهدف إلى تخفيف الضغط أكثر مما يهدف إلى كشف الحقائق.
فما جدوى الاعتراف إذا لم يتبعه تحديد دقيق للمسؤوليات أو التزام صريح بفتح ملفات الفساد والريع التي تقوّض ثقة الشارع في المؤسسات؟

المفارقة صارخة: المغرب يعيش أكبر موجة احتجاجات اجتماعية وسياسية منذ سنوات، الشباب يطالبون بكرامة حقيقية وعدالة اجتماعية، فيما وزير العدل، الذي يفترض أن يكون حارس العدالة، يقدّم خطاباً إنشائياً يتحدّث عن “اجتهادات” و”تحولات في القوانين” دون أن يلمس جوهر الأزمة.

إن المسؤولية السياسية لا تُقاس بالاعترافات العامة، بل بآليات المحاسبة.
فحين يقول وهبي “أخطأنا”، يحق للشعب أن يسأل: من سيدفع ثمن هذه الأخطاء؟ وكيف يمكن أن يستمر نفس المسؤولين في مواقعهم وهم يقرّون بفشلهم؟

هذا النوع من الخطاب يكشف بوضوح مأزق الحكم في المغرب: اعترافات معلّقة بلا أثر، ووعود بلا جدوى، ومؤسسات تبدو عاجزة عن مواجهة الشارع بأجوبة عملية.
إن الشجاعة الحقيقية ليست في قول “ربما أخطأنا”، بل في فتح الصناديق السوداء وكشف من استفاد من ثروات هذا البلد.

هكذا يتحوّل اعتراف وزير العدل اليوم إلى دليل إضافي على الإفلاس السياسي: حكومة تعترف بالأخطاء، لكنها ترفض أن تدفع ثمنها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version