بقلم: نعيم بوسلهام
منذ توليها السلطة، لم تعد حكومة عزيز أخنوش تملك ما تقدمه للشعب المغربي سوى مزيد من الإحباط والخيبات المتتالية.
غاب الحوار الاجتماعي الفعّال، وتلاشت لغة الإصلاحات الجادة، وحل محلها خطاب التبرير والتسويف، بينما الواقع يزداد قتامة يوما بعد يوم.
أمام هذه الحصيلة المثقلة بالأزمات، لم يعد السؤال المطروح هو: متى ستصحح الحكومة مسارها؟ بل: متى ستقدم استقالتها وتخضع للمحاسبة الشعبية والسياسية؟
أزمة مالية خانقة وقرارات كارثية
لم يشهد المغرب في تاريخه الحديث مثل هذا الارتفاع الصاروخي في ديون الدولة، تزامنا مع بيع ممتلكاتها تحت مسمى “التمويل المبتكر”.
في المقابل، لم تنعكس هذه الموارد على تحسين المعيشة أو توفير فرص الشغل، بل ازدادت الضرائب على صغار المقاولات والمواطنين البسطاء، فيما استفادت كبريات الشركات من إعفاءات وتخفيضات، في صورة صارخة لانحياز السلطة لرأس المال على حساب الفئات الهشة.
اقتصاد منهك وغلاء ينهش القدرة الشرائية
من أثمان المحروقات التي واصلت صعودها، إلى تحرير أسعار المواد الأساسية بما فيها قنينة الغاز، وجد المواطن المغربي نفسه محاصرا بين تضخم مرعب وارتفاع جنوني لأسعار اللحوم، الخضر، الفواكه، الأسماك والدواجن.
حتى الفلاحة، التي طالما اعتبرت ركيزة الاقتصاد الوطني، تراجعت إنتاجيتها بشكل مثير، مما أجبر الدولة على استيراد الزيت، الأغنام، العجول، القمح والحبوب.
إنه مشهد يختزل فشل السياسات الزراعية التي كانت تتغنى بها الحكومة تحت شعار “المغرب الأخضر”.
تفشي الفساد والفضائح المتتالية
لم تسلم المؤسسات من الفضائح: من امتحان المحاماة إلى ملف المنتدبين القضائيين، ومن فضائح CNSS إلى توظيفات مشبوهة تفضح منطق الزبونية والمحسوبية.
أضف إلى ذلك السرقات المليارية التي لا يجد لها المواطن تفسيرا سوى استمرار الإفلات من العقاب، بينما تغيب الإرادة الحقيقية في محاربة الفساد أو سن قوانين تجرم الإثراء غير المشروع.
أزمة اجتماعية غير مسبوقة
تحت حكم هذه الحكومة، ارتفعت البطالة إلى مستويات مخيفة، وتدهورت معيشة 80% من الأسر المغربية، بينما تزايدت معدلات الانتحار، الطلاق، والعنوسة.
الشباب المغربي، الذي فقد الأمل في الداخل، وجد في الهجرة السرية إلى أوروبا وسبتة ملاذا أخيرا للهروب من الفقر و”التشرميل” الذي غزا الشوارع.
انهيار القيم وغياب المرجعية
لم تكتف الحكومة بإفراغ جيوب المواطنين، بل سعت إلى تفريغ المجتمع من مرجعياته وقيمه عبر سن مدونات وقوانين جديدة تثير غضبا شعبيا واسعا، في الوقت الذي تصف فيه التطبيع مع الكيان الصهيوني بأنه “خيار استراتيجي”.
وهنا يطرح السؤال الأخلاقي والسياسي الكبير: أليس التطبيع في زمن المجازر خيانة؟
الخلاصة: حكومة بلا أفق
أمام هذه الحصيلة السوداء، يتضح أن حكومة أخنوش لم تعد تملك الشرعية الأخلاقية ولا السياسية للاستمرار. لقد دفعت بالمغرب إلى أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، وكرست منطق الريع والفساد، وأقصت الحوار المجتمعي، حتى باتت استقالتها ومحاسبة أعضائها مطلبا وطنيا لا يحتمل التأجيل.
فماذا تنتظر الحكومة؟ وماذا تتوقعون من شباب المغرب وقد ضاقوا ذرعا بالوعود الكاذبة، ولم يجدوا أمامهم سوى الشارع أو قوارب الموت؟

