بقلم: نعيم بوسلهام

أعادت احتجاجات شباب جيل زد فتح واحد من أكثر الملفات حساسية وإثارة للغضب الشعبي: ملف نزع الملكية وهدم المساكن في مدن كبرى كالرباط، الدار البيضاء، تمارة والصخيرات، تحت ذريعة “إعادة التهيئة” و”تحسين صورة المغرب” استعدادًا لمونديال 2030.

غير أن هذا المشروع الطموح أخرج للسطح جراحًا عميقة خلفتها قرارات تعسفية، حيث وجد مواطنون بسطاء أنفسهم بلا مأوى، ودون أي تعويض عادل أو سكن بديل.

قرارات فوقية بلا عدالة اجتماعية

المسؤولون عن هذا الملف تعاملوا مع السكان وكأنهم مجرد عوائق عمرانية، ليتم إزاحتهم بلا مبالاة بالحقوق الدستورية في التملك والتعويض العادل.

وبينما تُضخ الملايير في البنية التحتية الرياضية والفندقية، تُركت مئات الأسر تواجه مصير التشرد، أو عوضت بمبالغ هزيلة لا تكفي حتى لكراء شقة صغيرة.

شعار يلخص أولويات الناس

في قلب هذه الاحتجاجات، برز شعار تحول إلى صرخة جماعية لآلاف الشباب والأسر المتضررة:
“مابغيناش كاس العالم، الصحة أولا”.
هذا الشعار لم يكن مجرد جملة عابرة، بل لخص أولويات الناس ببساطة وجرأة: المواطنون يريدون مستشفيات ومدارس وسكنًا لائقًا قبل ملاعب عملاقة ومشاريع استعراضية.

إنه شعار يلخص فجوة الثقة بين الشارع والسلطة، ويكشف أولويات مقلوبة تستفز الوعي الجمعي.

غضب اجتماعي مكبوت انفجر في الشارع

احتجاجات تمارة والصخيرات أبرزت هذه الحقيقة بجلاء، حيث تحولت المسيرات السلمية إلى مواجهات مباشرة مع قوات الأمن.

لم يعد الغضب مكتومًا؛ بل انفجر دفعة واحدة، ليكشف حجم الاحتقان وعمق الإحساس بـ”الحكرة” التي تولدت من قرارات فوقية لا تراعي أبسط مقومات العدالة الاجتماعية.

المسؤولية السياسية والإداريةهذا الفشل لا يمكن تبريره بضعف الموارد أو أخطاء تقنية، بل يعكس قصورًا في الحكامة وغياب رؤية اجتماعية موازية للمشاريع العمرانية الكبرى.

المسؤولية السياسية تقع على عاتق وزراء بعينهم، ومسؤولين ترابيين وإداريين أشرفوا على عمليات التهجير والهدم دون أن يضعوا أي ضمانات لحقوق المواطنين الأمر زاد في جرعة الاحتقان واجج الغضب.
هؤلاء المسؤولون الذين يتفاخرون بتقارير منمقة أمام الرأي العام، مطالبون اليوم قبل الغد بتقديم الحساب حول الكارثة الاجتماعية التي تسببوا فيها.

جيل زد.. جيل يرفض التضحية بكرامته

جيل زد أثبت أنه ليس جيلًا صامتًا أو متفرجًا، بل جيل يرفع صوته عاليًا دفاعًا عن حقوقه وحقوق أسرته. ومع شعار “مابغيناش كاس العالم، الصحة أولا”، وجّه هذا الجيل رسالة واضحة: لا تنمية حقيقية بلا عدالة اجتماعية، ولا صورة مشرقة لمغرب 2030 على أنقاض بيوت مشردة وأسر مهمشة.

لقد آن الأوان لمحاسبة كل من تورط في هذا الملف، من وزراء وولاة وعمال ورؤساء جماعات، ممن ساهموا في فرض قرارات فوقية على حساب كرامة المواطنين.

إن الإفلات من العقاب لم يعد مقبولًا في زمن يرفع فيه الشباب أصواتهم عاليًا، ويطالبون بالعيش في وطن يوفر الصحة والسكن والعدالة الاجتماعية قبل ملاعب المونديال.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version