لم تعد كرة القدم في المغرب مجرد لعبة جماهيرية، بل مرآةً لمدى الثقة بين الناس ومن يُفترض أنهم يمثلونهم.
فبعد مباراة المنتخب المغربي أمام البحرين، التي تحوّلت إلى مشهدٍ من مقاعدٍ فارغة رغم الحملة الدعائية المكلفة، تتلقى جامعة فوزي لقجع صفعة رمزية جديدة مع عودة حركة جيل Z إلى الواجهة، بإطلاقها دعوة صريحة إلى مقاطعة مباراة المنتخب أمام الكونغو الديمقراطية بملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط.

الدعوة، التي انتشرت عبر صفحات الحركة على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت شعار “مقاطعة سلمية وواعية”، مؤكدة أن “الوقت ليس للاحتفال ولا للتشجيع، بل للانشغال بقضايا الشعب وكرامته وحرية معتقليه”.
وجاء في البيان أيضًا: “الانشغال بكرة القدم، على أهميته، لا يجب أن يلهينا عن أولوياتنا الكبرى”، داعيةً إلى أن تكون المدرجات الخالية “رسالة حضارية ومدوية تعبّر عن وعي جماعي ومسؤولية أخلاقية.”
وخُتم البيان بعبارة اختصرت كل شيء: “قلوبنا مع الأسود، لكن ضميرنا مع الحقوق.”

المثير أن هذه الدعوة تأتي بعد أيامٍ من فشل الحملة الترويجية التي قادها مقربون من فوزي لقجع خلال مباراة البحرين، والتي كلّفت، حسب مصادر مطلعة، ملايين الدراهم لاستقدام مؤثرين وشخصيات رقمية معروفة، في محاولةٍ لإعادة الدفء إلى المدرجات وتلميع صورة المنتخب الوطني.
لكن المفارقة أن أغلب هؤلاء رفضوا الظهور أو التفاعل، خشيةً من ردود الفعل الرافضة للتلميع المصطنع.

ورغم كل تلك الجهود، تحوّلت مباراة البحرين إلى مشهدٍ محرجٍ حين بدت المدرجات شبه فارغة رغم إعلان بيع أكثر من خمسين ألف تذكرة، ما اضطر المنظمين إلى فتح الأبواب مجانًا ونقل مجموعات من التلاميذ وسكان الأحياء المجاورة لملء المقاعد.
صورةٌ كانت كافية لتتحول إلى رمزٍ لعزلة المؤسسة الرياضية عن جمهورها الحقيقي، وإلى تذكيرٍ بأن الولاء لا يُشترى بالحملات الدعائية.

اليوم، يبدو أن جيل Z يختار لغة الصمت بدل التصفيق، ليحوّل المدرجات الخالية إلى بيانٍ رمزي بليغ:

أن الثقة لا تُبنى بالإعلانات، ولا تُستعاد بالمؤثرين… بل تُستعاد حين تعود الرياضة إلى روحها الأولى: الانتماء، لا الاستعراض.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version