?Empowering Youth… or Buying Political Hope at the Electoral Auction
تدخل المملكة المغربية طورًا سياسيًا جديدًا وهي تُهيِّئ لانتخابات 2026، بعد مصادقة المجلس الوزاري على حزمة مشاريع قوانين تُقدَّم بوصفها إصلاحية ومؤسِّسة لمرحلة “تخليق الحياة السياسية”.
غير أنّ وراء هذا الخطاب الهادئ سؤالًا أعمق يتردّد في كواليس المشهد السياسي:
هل نحن أمام إصلاحٍ حقيقي للنظام الانتخابي، أم أمام عملية تجميلٍ محسوبةٍ لواجهةٍ ديمقراطيةٍ فقدت بريقها؟
ينطلق المشروع الجديد من منطق “التحصين” و”الانضباط”، إذ يمنع الترشح على كل من صدرت في حقه أحكامٌ قضائية أو أُدين في جرائم تمسّ بنزاهة العملية الانتخابية، مع تشديد العقوبات لضمان الشفافية والمساءلة.
خطوةٌ تبدو منسجمة مع مطلب النزاهة، لكنها تثير سؤالًا مقلقًا: هل تُبنى الثقة في السياسة بالردع والمنع، أم بالانفتاح والتنافس الحرّ؟
لقد أظهرت التجربة المغربية أن تخليق الحياة العامة لا يتحقق بالنصوص وحدها، بل بإرادةٍ سياسية تُعيد الاعتبار لقيمة المشاركة، وتجعل من الاقتراع ممارسةً ذات معنى لا مجرّد إجراءٍ إداريٍّ محسوب النتائج سلفًا.
من أبرز المقتضيات المثيرة للنقاش تخصيص دعمٍ ماليٍّ يغطي 75% من مصاريف الحملة الانتخابية لفائدة المرشحين الشباب دون 35 سنة.
إجراءٌ غير مسبوق في الحياة السياسية المغربية، يرمي إلى تشجيع الجيل الجديد على دخول المعترك، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلٍ سياسي مشروع: هل يمكن أن يُشترى الحلم الديمقراطي بمنحةٍ انتخابية؟
وفي الاتجاه نفسه، يقترح المشروع تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريًا للنساء.
مقاربةٌ تُقدَّم بوصفها دعمًا للمناصفة، لكنها قد تتحوّل عمليًا إلى مأسسةٍ لتمثيليةٍ شكلية، تضمن حضورًا رمزيًا دون أن تُحدث اختراقًا فعليًا في مراكز القرار.
فالمساواة، كما يعرفها التاريخ السياسي، لا تُفرض بالقانون وحده، بل تُبنى في الثقافة السياسية، وفي إزالة الحواجز غير المرئية التي تُقصي النساء حتى حين يُفسح لهن مكان في الصف الأول.
أما مشروع القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، فيسعى إلى تحديث الإطار القانوني المنظم لها وتحسين حكامتها المالية والتنظيمية، مع فتح الباب أمام مشاركة أوسع للشباب والنساء في التأسيس والتسيير.
لكن هذه اللغة الإدارية تخفي هاجسًا قديمًا: هاجس السيطرة على الفضاء الحزبي باسم التنظيم.
فعندما تُقدَّم الحوكمة كشرطٍ للوجود، يصبح الحزب مهددًا بأن يتحول إلى كيانٍ إداري أكثر منه فضاءً للنقاش والتعدد والاختلاف.
وحين تُصبح الديمقراطية مشروطةً بالإذن، تفقد السياسة روحها.
في المحصلة، يقف المغرب اليوم أمام لحظة سياسية فاصلة:
إما أن تتحوّل هذه الإصلاحات إلى خطوةٍ جريئة نحو تجديد النخب وإعادة الثقة في المؤسسات،
وإما أن تبقى مجرّد هندسةٍ محسوبةٍ تُعيد إنتاج النظام الانتخابي نفسه بلغةٍ جديدة وواجهةٍ أكثر حداثة.
فالثقة لا تُستعاد بسنّ القوانين، بل بإرادةٍ تُغيّر منطق الحكم والتنافس، وتعيد للمواطنين الإحساس بأن صوتهم يصنع القرار لا يزيّنه.
وإذا كانت الانتخابات هي المرآة الحقيقية لأي نظامٍ سياسي، فإن انتخابات 2026 ستكون اختبارًا صريحًا لمدى استعداد الدولة المغربية للانتقال من إدارة الإصلاح إلى شجاعة التغيير.
