Finance Bill 2026: 36,000 New Jobs… and Unemployment Applauds from Afar

كأنّ التشغيل في المغرب قصيدة تُتلى كل خريفٍ بلسان الأمل، ثم تُمحى في شتاء الأرقام.
يُعلن مشروع قانون المالية لسنة 2026 عن إحداث 36.895 منصبًا ماليًا جديدًا ضمن الميزانية العامة، في خطوةٍ تبدو في ظاهرها انتصارًا للعدالة الاجتماعية، لكنها في جوهرها تكشف مفارقةً أعمق: التشغيل حاضرٌ في النصوص، غائبٌ في الواقع.

تتوزع المناصب الجديدة على الوزارات والمؤسسات العمومية كما تُوزَّع أوراق اللعب في مائدةٍ سياسيةٍ محسوبةٍ بدقة.
وزارة الداخلية نالت الحصة الأكبر بـ13 ألف منصب، تليها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بـ8 آلاف، ثم إدارة الدفاع الوطني بـ5.500، فوزارة الاقتصاد والمالية بـ2.600، والمندوبية العامة لإدارة السجون بـ2.020.
وفي المقابل، لم تحصل وزارة التشغيل نفسها سوى على 52 منصبًا فقط… كأنها تشرف على “بطالةٍ وطنيةٍ” بلا أدوات ولا أفق.

أما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فحصلت على 1.759 منصبًا، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية على 640، فيما لم تتجاوز حصص وزارات العدل، الأوقاف، والتربية الوطنية بضع مئات.
وفي أسفل اللائحة، نجد وزاراتٍ تُدير ملفاتٍ استراتيجية كالصناعة، والسياحة، والانتقال الطاقي، والتخطيط، وكلها مجتمعة لا تتجاوز بضع عشرات من المناصب في دلالةٍ صامتةٍ على ترتيب الأولويات داخل الدولة.

ورغم تخصيص 200 منصبٍ للأشخاص في وضعية إعاقة، و600 لتسوية وضعية حاملي الدكتوراه، يبقى السؤال معلّقًا:
هل تُقاس نجاعة التشغيل بعدد المناصب، أم بقدرتها على تحريك عجلة الاقتصاد الحقيقي؟

فالمغرب لا يعاني من قلة التوظيف بقدر ما يعاني من اختلال في التوازن بين القطاعات المنتجة والقطاعات الحارسة.
الداخلية والدفاع والسجون تنال النصيب الأكبر، بينما القطاعات التي تصنع المستقبل من التعليم إلى الابتكار تظلّ في الهامش، كأنّ الاستثمار في العقول رفاهيةٌ لا ضرورة.

في نهاية المطاف، تبدو ميزانية 2026 وثيقةً دقيقةً في حساباتها، لكنها فقيرةٌ في رؤيتها.
فالأرقام قد تُغري المراقبين، لكنها لا تُقنع العاطلين.
تُشغّل الدولة نفسها أكثر مما تُشغّل أبناءها، وتُجيد فنّ توزيع المناصب أكثر من توزيع الفرص.

“36 ألف منصب جديد”، تقول الحكومة.
لكنّ بواقعيةٍ مرّة: الأمل لا يُوظَّف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version