When Ignorance Becomes Law… and the Government Suddenly “Discovers” That the Real Problem Is Youth Without Diplomas

المفارقة في المغرب لم تعد مجرد حادث لغوي في الخطاب السياسي، بل أصبحت بنية قائمة بذاتها.
الحكومة تتحدث عن التشغيل كما لو كانت تكتشفه لأول مرة، والوزراء يتعاملون مع الأزمات وكأنهم يقرأون تقارير عن بلدٍ آخر.
في آخر فصول هذا العبث، خرج وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، ليعلن أمام البرلمان أن “المشكل الحقيقي الذي تواجهه الحكومة هو الشباب الذين لا يملكون شهادات.”

كلام الوزير بدا كأنه اكتشاف علمي متأخر أكثر منه تشخيصًا اقتصاديًا؛
فالشباب الذين بلا شهادات لم يسقطوا من المريخ، بل هم نتاج سياسات تعليمية واقتصادية راكمت الفشل منذ عقود.
الوزير نسي، أو تناسى، أن داخل البرلمان نفسه يجلس نوابٌ يشرّعون القوانين بلا شهادات، ومع ذلك لم يعتبرهم أحد “مشكلاً وطنياً”.
إنها المفارقة التي تختصر فلسفة السلطة في المغرب: من لا يملك المعرفة يصنع القاعدة، ومن لا يملك الفرصة يُتَّهم بالجهل.

وعد السكوري بإطلاق “ورشة داخل وكالة لانابيك لتشغيل هذه الفئة”، وبـ“حوار وطني حول الأنماط الجديدة للشغل”.
لكن الحوار لم يعد ينقص المغاربة، ما ينقصهم هو من يملك الجرأة على الفعل لا على الكلام.
فالحكومة تتقن فن إدارة الوقت أكثر مما تتقن فن خلق الفرص، وتبرع في تجميل الأزمات بدل حلّها.

حين اعترف الوزير بأن البطالة بلغت 13.7 في المائة، ثم فضّل “عدم الخوض في الأسباب”، بدا المشهد أشبه باعترافٍ معلّقٍ في الهواء.
إنه منطق سياسي لا يجرؤ على مواجهة الأسئلة التي يطرحها بنفسه،
كأنّ الحقيقة أصبحت محرَّمة حتى على من يملك سلطة النطق بها.

تحوّلت لانابيك، التي أُنشئت لتكون جسرًا نحو الشغل، إلى قاعة انتظار وطنية يتكدّس فيها الشباب بين الملفات والوعود.
أما “الأنماط الجديدة للشغل” التي تتحدث عنها الحكومة، فهي في الواقع أنماط جديدة للبطالة:
موسمية، هشّة، بلا أمان مهني، وبلا كرامة اجتماعية.

الشباب الذين بلا شهادات ليسوا عبئًا على الدولة، بل مرآة لفشلها في توزيع الفرص قبل توزيع التهم.
والمشكل الحقيقي ليس في من لم يدرس، بل في من تخرّج من السلطة دون أن يتعلّم معنى المسؤولية.

ما يهدد المغرب اليوم ليس فقط ارتفاع البطالة، بل هبوط مستوى الوعي السياسي لدى من يديرونها.
حين يصبح الجهل مصدر التشريع، والخطاب بديلاً عن الإصلاح،
تتحوّل الدولة إلى مؤسسةٍ تجيد الكلام عن العمل أكثر مما تجيد العمل نفسه.

في بلدٍ يُفترض أن يُشرّع العقل لا الجهل، وأن تُدار التنمية بالعقول لا بالشعارات، يبدو أن المغرب لا يعاني من قلة الشهادات بقدر ما يعاني من وفرة الخطابات.
فحين تكتشف الحكومة أن الشباب بلا ديبلوم، يكتشف الشباب أن الدولة بلا ذاكرة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version