The Social State in the Crosshairs of Ideological Zero… Benkirane Fires Verbal Shots at Akhannouch
السياسة في المغرب لم تعد إدارةً للشأن العام بقدر ما أصبحت ساحةً لتبادل الأصفار.
عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أعاد إشعال المواجهة مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، متهمًا حزبه بأنه “صفر في الإيديولوجيا وصفر في النضال”. عبارة تختصر أزمة المشهد السياسي المغربي في لحظته الراهنة: غياب الفكرة، وانقطاع الصلة بين السلطة والمجتمع.
كشفت مصادر إعلامية أن خطاب ابن كيران، خلال الملتقى الوطني لقيادات منظمة نساء العدالة والتنمية بالرباط، لم يكن مجرد ردّ فعلٍ حزبي، بل رسالة إنذارٍ سياسي تعبّر عن احتقانٍ اجتماعي يتجاوز الخلافات.
فحين قال إن “الشعب لم يعد فرحانًا” وإن “الدولة تفادت ثورة بفضل تعقّلها”، لم يكن يصف فقط فشل الحكومة في تدبير الأسعار أو التغطية الصحية، بل كان يعلن عن تصدّعٍ عميقٍ في الثقة بين المواطن والنخبة الحاكمة.
ابن كيران، الذي خبر السلطة والمعارضة، يدرك أن السياسة اليوم تُدار بمنطق التواصل لا بمنطق الفكرة. أخنوش، في نظره، يجسّد نموذج “الرجل الاقتصادي” الذي صعد إلى الحكم دون قاعدة فكرية، فحوّل الحكومة إلى مجلس إدارةٍ ماليٍّ يراجع الأرقام أكثر مما يصغي إلى نبض الشارع.
لذلك قال له بلهجةٍ مباشرة: “آ سي أخنوش، راك عارف راسك ما دايرهاش مزيان… الشعب كيدعي عليك.”
ومع أن الخطاب يبدو انفعاليًا، إلا أن مضمونه يحمل نقدًا مؤسسًا لبنية السلطة في المغرب: سلطةٌ تميل إلى التكنوقراط، وتفقد تدريجيًا روحها السياسية.
حين تغيب الإيديولوجيا، ويُختزل النضال في الشعارات الرقمية، تفقد المؤسسات معناها، ويصبح الفعل السياسي بلا ذاكرة، بلا هوية، وبلا خيال.
ورغم ذلك، لا يخلو كلام ابن كيران من مفارقةٍ لافتة؛ فهو ينتقد اليوم نظامًا شارك في هندسته بالأمس.
لكنه، على الأقل، يستعيد فكرةً كانت تؤمن بأن السياسة أخلاق قبل أن تكون أرقامًا.
أما اليوم، فالصفر صار ماركةً سياسية مسجلة: صفر فكر، صفر نضال، وصفر تواصل.
قد لا يحتاج المغرب إلى ثورة كما قال، لكنه يحتاج بالتأكيد إلى إعادة تشغيل ذاكرته السياسية.
فحين تتعطل الفكرة، تتوقف الدولة عن السمع، ويبدأ المواطن في الدعاء بدل الحوار.
