Social Media Under Surveillance… From Protecting Candidates to Prosecuting Citizens: An Electoral Law That Punishes Political Speech with Two to Five Years in Prison
الانتخابات ليست مجرّد سباقٍ نحو المقاعد، بل امتحانٌ لمدى نضج الدولة في إدارة الحرية.
في اللحظة التي تُقنَّن فيها الكلمة ويُحاصَر الرأي، تتحوّل الديمقراطية من وعدٍ بالمشاركة إلى نظامٍ للرقابة.
هذا ما يوحي به النص الجديد في مشروع القانون التنظيمي للانتخابات بالمغرب، الذي أضاف مادةً جنائية تُعاقب كل من “بثّ أو نشر أو نقل أو وزّع أقوالًا أو صورًا أو أخبارًا بقصد المسّ بالحياة الخاصة لأحد المترشحين أو التشهير به، بأي وسيلة، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي وأدوات الذكاء الاصطناعي.”
القانون لا يكتفي بالتنديد أو التحذير، بل يذهب مباشرة إلى العقاب: حبس من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تتراوح بين خمسين ومئة ألف درهم.
لغة النص لا تحمل روح الديمقراطية، بل نَفَس الردع.
فهي لا تتحدث عن أخلاقيات الحملة أو النزاهة الانتخابية، بل عن “النية” و”القصد”، أي عن مجالٍ غامض يفتح الباب واسعًا أمام التأويل والاتهام.
بهذا الشكل، يتحوّل النقد السياسي المشروع إلى مخاطرة قانونية، وتغدو الحملة الانتخابية منطقةً رمادية بين حرية التعبير والجريمة المحتملة.
في الديمقراطيات الأوروبية، لا تندرج حرية الخطاب الانتخابي ضمن باب العقوبات.
المرشح هناك لا يُساق إلى القضاء بسبب تغريدة، والصحفي لا يُدان لأنه نقل تصريحًا حادًّا.
التشهير، إن وُجد، يُعالج مدنيًا لا جنائيًا، لأن النقاش السياسي يُعتبر جزءًا من الصحة الديمقراطية لا من “الانفلات”.
في فرنسا، مثلًا، تتولّى هيئة مستقلة مراقبة الإنصاف الإعلامي، لكنها لا تملك صلاحية العقاب.
وفي ألمانيا، لا تُمنع الانتقادات الشخصية إلا حين تتجاوز إلى خطاب الكراهية أو التحريض.
القاعدة واضحة: الديمقراطية تُحمى بالنقاش، لا بالخوف من النقاش.
أما في المغرب، فالنص الجديد يذهب أبعد من الحذر الأوروبي.
فهو لا يجرّم فقط التشهير، بل يجرّم حتى احتماله. مجرد “نقل” أو “نشر” أو “توزيع” محتوى يمكن أن يُفسَّر على أنه “مسّ بالحياة الخاصة” يكفي لتفعيل العقوبة الحبسية.
وبهذا، تنتقل الدولة من حماية العملية الانتخابية إلى حماية الصورة الفردية للمترشح، وكأن الديمقراطية خطرٌ يجب تأمينه ضد مواطنيها.
ليست خطورة هذا القانون في نصّه فحسب، بل في فلسفته: أن تُدار الحرية بمنطق الخوف، وأن يُكتب المستقبل السياسي بلغة العقاب.
فحين تُحاصر الكلمة في موسمها الطبيعي، لا تعود الانتخابات احتفالًا بالاختيار، بل تمرينًا على الصمت الجماعي.
