Health Deals That Reproduce the Disease in a Digital Language — Minister Tehraoui Allocates Half a Billion to IT Systems amid Widespread Controversy

الإصلاح في المغرب صار يُقاس بعدد الصفقات لا بعدد الأرواح التي تُنقذ.
كلّما ضاق الواقع اتّسعت اللغة، وكلّما اشتدّ المرض، توسّع قاموس الرقمنة.
اليوم تتحدث وزارة الصحة عن “التحصين الرقمي” وكأنها اكتشفت العلاج السحري، فيما المستشفيات تتنفس اصطناعيًا، والمواطن ينتظر موعده على شبكةٍ لا تلتقط إلا الإشارات السياسية.

كشفت مصادر إعلامية أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، أطلق صفقةً جديدة بقيمة 4.57 ملايين درهم لتطبيق نظام “إدارة الدخول ذي الامتيازات” (PAM).
نظامٌ مبرمجٌ لحماية الأنظمة المعلوماتية من الاختراق، في بلدٍ ما زال عاجزًا عن حماية مواطنيه من الانتظار.
المفارقة هنا فاضحة:
وزارة تؤمّن البيانات، لكنها تترك المريض مكشوفًا أمام البيروقراطية.

الصفقة تحمل كل علامات الحداثة التقنية، لكنها تُخفي الأسئلة القديمة ذاتها:
لماذا يُصرف المال على الأنظمة قبل أن يُصرف على الأطباء؟
ولماذا تُدار الصحة بمنطق التعاقد لا بمنطق الكرامة؟
حين تتحول التكنولوجيا إلى درعٍ لتبرير العجز، يصبح “الأمن السيبراني” مرادفًا لـ“الأمن السياسي”.

تفويض رئيس الحكومة صلاحية التعاقد المباشر للوزير لم يكن مجرد إجراء إداري، بل فتح بوابةً لصناعةٍ جديدة تُسمّى “الصفقات الذكية”.
ذكاؤها الحقيقي أنها تمرّ من دون ضجيج، وتُغلَّف بلغةٍ تقنية لا يفهمها سوى من صاغها.
في المقابل، يبقى القطاع الصحي في غرفة الإنعاش ينتظر ميزانيةً أقل لمعالجة مريضٍ واحد.

البرلماني مصطفى إبراهيمي وصف الأمر بـ“تعميم الاستثناء”، وهو توصيف دقيق لمرحلةٍ أصبحت فيها القاعدة هي الغموض، والشعار هو الرقمنة، والنتيجة: نظامٌ صحيٌّ يتحدث بلغة الخوادم، ومواطنٌ يصرخ بلغة الألم.

من داخل القطاع، تخرج شهادات تفضح هذا الانفصام اليومي بين الخطاب والممارسة.
الأطباء يتحدثون عن مراكز جهوية بلا تجهيزات، وعن مستشفيات تفتقر لأبسط شروط الكرامة المهنية، بينما الوزارة تراكم العقود والمناقصات في سباقٍ يبدو وكأنه برمجةٌ سياسية لمستقبلٍ بلا مضمون اجتماعي.

المشهد اختزالي إلى حدّ الفضيحة:
مليارات للأنظمة، وفتات للإنسان.
تحصين للبيانات، وتهميش للكرامة.
وفي النهاية، تتحول الرقمنة إلى ديكورٍ جديد فوق جرحٍ قديم.

لا أحد يرفض التطور، لكن ما جدوى التكنولوجيا حين تُدار بعقلٍ لم يتحدث بعد لغة العدالة؟
الأمن السيبراني قد يمنع الاختراق الإلكتروني، لكنه لا يمنع اختراق المال العام باسم الحداثة.
وفي وزارة الصحة، يبدو أن المرض لم يُهزم… بل أُعيدت برمجته بلغةٍ رسميةٍ أكثر أناقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version