When the State Regulates Goodwill: Baytas and the Birth of Contractual Volunteering

المغرب لا يكفّ عن الإبداع في تنظيم كل ما هو عفوي.
حتى النية الحسنة باتت تحتاج إلى ترخيص، والابتسامة الخيّرة إلى بوابة رقمية 💻.
من اليوم، من أراد أن “يدير الخير” فليستعد لملء استمارة إلكترونية وتوقيع عقد تطوعٍ تعاقديٍّ وفق المرسوم التنفيذي الجديد.

مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أعلن من أكادير انطلاق المنتدى الوطني الخامس للتطوع التعاقدي ضمن استراتيجية “نسيج 2022-2025”.
مشروعٌ يُحوّل التطوع من فعلٍ إنسانيٍّ إلى مهمةٍ إداريةٍ مؤطرة بالقانون والمؤشرات ، ومن عفويةٍ مجتمعيةٍ إلى “نظام أداءٍ تطوعيٍّ مراقب”.

كشفت مصادر إعلامية أنّ كلمة بايتاس امتلأت بالحديث عن الروح التطوعية المتجذّرة في الشخصية المغربية، لكن خلف اللغة الدافئة يطلّ من المرسوم التنفيذي وجهُ الإدارة التي تراقب حتى النوايا .
التضامن المغربي صار يحتاج إلى كلمة سرّ قبل الدخول.

في زمن البوابات الرقمية، الخير نفسه صار يخضع للمصادقة.
المغربي الذي كان يهب وقته بصمت صار ينتظر موافقة لجنة الاعتماد.
النية تحوّلت إلى عقد، والعطاء إلى بندٍ إداري، والضمير الجمعوي إلى ملف PDF.

بايتاس ذكّر بأن المغرب “دولة عريقة في قيم التضامن”، غير أنّ المشكلة لا تكمن في القيمة، بل في تحويلها إلى بروتوكول.
التطوع لم يعد مبادرةً، بل نشاطًا مؤطّرًا بين شعارٍ وبلاغٍ وصورةٍ رسميةٍ على المنصّات .

“العمل التطوعي التعاقدي” ليس سوى عنوانٍ جميل لعصرٍ تُدار فيه حتى القيم الأخلاقية بالعقود ، ويُقاس فيه الإحسان بعدد الساعات الموثّقة إداريًا .
عصرٌ يُصبح فيه الخير موضوعًا للمصادقة الإلكترونية ، وتتحوّل فيه الروح الوطنية إلى واجهةٍ مؤسّساتيةٍ باردة .
حين تُصبح القيم مشاريع، ويُقاس الإحسان بعدد المعاملات المفتوحة في البوابة الوطنية للتطوع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version