Deferred Knowledge… “Pioneer Schools” Without Books Expose the Flaws of Morocco’s Educational Reform
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة مقاطعَ مصوّرة لآباءٍ وأمهاتٍ يشتكون من غياب الكتب المدرسية الخاصة بمسالك “المدارس الرائدة” في المكتبات، ومن تأخّر توزيعها داخل المؤسسات التعليمية.
صرخات الاستياء تحوّلت إلى موجة غضبٍ رقمية ، عبّرت عن حالة إحباطٍ جماعيٍّ يعيشها أولياء الأمور في ظلّ ما وصفوه بـ“عبثٍ تربويٍّ لا يليق بمشروعٍ يُقدَّم على أنه واجهة الإصلاح التعليمي الجديد”.
الصور والفيديوهات المنتشرة كشفت مشهدًا فوضويًا في بداية موسمٍ دراسي كان يُفترض أن يكون “نموذجيًا”، فإذا به يتحوّل إلى تجربةٍ مرتبكة يختلط فيها الطموح بالعجز.
في الوقت الذي بشّرت فيه وزارة التربية الوطنية بميلاد “المدارس الرائدة” كرمزٍ لمرحلة جديدة من الإصلاح، وجد التلاميذ أنفسهم أمام واقعٍ بسيطٍ وصادم في آنٍ واحد: مدارس بلا كتب، ومعرفة مؤجلة إلى إشعارٍ آخر.
ما كان يُفترض أن يكون لحظة انطلاق نحو تعليمٍ حديثٍ ومتكامل، تحوّل إلى مرآةٍ تعكس فوضى التسيير، وضعف التنسيق، وانعدام الرؤية.
الكتاب المدرسي، الذي يُعدّ العمود الفقري لأي إصلاح تربوي، غاب عن الرفوف والمكتبات، تاركًا وراءه آلاف الأسر في حيرةٍ بين الغضب واليأس، وأساتذة يعملون بوسائل مرتجلة لا تليق بما سُمّي “المدرسة النموذجية”.
الوزارة التي أعلنت “الريادة” فشلت في أول اختبارٍ لها : اختبار التنظيم.
فدفاتر الشروط تأخرت، والمطابع لم تتوصل بالترخيص إلا في اللحظات الأخيرة، وسلاسل الكتب الجديدة لم تصل إلى المدارس في موعدها.
كل ذلك جرى في صمتٍ رسمي، بينما تلاميذ المرحلة الابتدائية ينتظرون مقرّراتهم الأساسية أسبوعًا بعد آخر، وكأنهم في تجربةٍ تعليمية مؤقتة.
الخطاب الرسمي صامت، والواقع يتكلم بلغة الإخفاق: لا خطة واضحة، ولا تواصل مسؤول، ولا تقدير لحجم الارتباك الذي أصاب الأسر والمؤسسات التربوية.
ما حدث لا يختصر فقط أزمة توزيع الكتب، بل يكشف عمق التناقض بين الخطاب الإصلاحي والواقع الميداني
التداعيات تتجاوز الورق والكتب.
ففي غياب المقرّرات، تتعطل العملية التعليمية، ويتراجع التركيز، ويتأثر التحفيز النفسي للأطفال .
المعلم يجد نفسه مضطرًا للارتجال، والطفل يفقد إحساسه بالانتظام والجدية، ووليّ الأمر يفقد الثقة في مؤسسةٍ تُنادي بالإصلاح صباحًا وتتعثر في التفاصيل مساءً.
وهكذا تتحوّل “المدرسة الرائدة” إلى عنوانٍ رمزيٍّ لفشلٍ إداريٍّ يتكرّر في قطاعاتٍ أخرى، حيث تسبق الخطاباتُ الأفعالَ، وتغيب المحاسبة خلف البلاغات.
الإصلاح الحقيقي في التعليم لا يبدأ من الشعارات، بل من احترام الزمن، وضمان الكتاب، وإعادة الثقة في الفعل التربوي .
وما لم تُدرك الوزارة أن أول خطوة في طريق الريادة هي الجدية في التنفيذ لا في الإعلان، سيبقى مشروع “المدارس الرائدة” مجرّد شعارٍ جميلٍ على ورقٍ لم يُطبع بعد .
