Baitas Speaks of Corruption the Way Poets Speak of Love

الفساد في المغرب لم يعد تهمةً تُطلق في وجه أحد، بل صار استعارةً سياسية تُروى كل مرةٍ بلغةٍ جديدة.
من قبة البرلمان ، خرج مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، ليُلقي خطبةً أنيقة عن الفساد… بلهجة شاعرٍ يتحدث عن الحب أكثر مما يتحدث عن المحاسبة.
خطاب مليء بالعواطف الوطنية، خالٍ من الأسماء والمسؤوليات، كأنّ الفساد كائنٌ غامض لا عنوان له.

قال الوزير إن الفساد “يعرقل الاستثمار ويؤثر على سمعة البلاد” عبارة جميلة من حيث الصياغة، باهتة من حيث الفعل.
فالفساد لم يعد رشوةً في مكتبٍ عمومي، بل شبكةً معقّدة من تضارب المصالح، وتعييناتٍ تُوزَّع بمنطق القرب لا الكفاءة.
نظامٌ يعرف جيدًا كيف يغيّر النصوص دون أن يغيّر النفوس.

بايتاس تحدّث عن “مرسوم جديد للصفقات العمومية”، وكأنه اكتشافٌ علمي في مختبر الإصلاح الإداري.
لكن الواقع يقول إن المراسيم لا تصنع النزاهة، مثلما لا يصنع الطلاء بيتًا جديدًا.
ما دامت نفس الأسماء تُوقّع، ونفس الشبكات تُنفّذ، فكل مرسومٍ جديدٍ يصبح مجرد ورقٍ آخر في أرشيف الوعود.

ثم انتقل الوزير بفخرٍ إلى ما اعتبره إنجازًا:
الخط المباشر لمحاربة الرشوة الذي تلقّى أكثر من 86 ألف مكالمة وضبط 360 شخصًا.
لكن الأرقام هنا ليست دليلًا على النجاح، بل مرآة لحجم المشكلة.
فكم من تلك القضايا وصلت فعلًا إلى المحاكم؟ وكم مسؤولًا كبيرًا شملته المتابعة؟
الجواب يُترك دائمًا في خانة “قيد الدرس”.

وفي لحظةٍ من الطرافة السياسية، قال بايتاس إن المعارضة “تحسد الحكومة على إنجازاتها”، لكن مشكلتها في “ضعف التسويق”!
وهكذا تحوّل الفساد من تحدٍ أخلاقي إلى مسألة إشهار، وصارت المحاسبة موضوعًا في كتيّب التواصل الحكومي.
كأنّ المطلوب ليس إصلاح الدولة، بل تحسين صورتها أمام الكاميرا.

المشهد السياسي اليوم يشبه عرضًا مسرحيًا طويلًا:
الممثلون يكرّرون نفس الأدوار، والجمهور يصفّق تعبًا لا اقتناعًا .
الحكومة تتحدّث عن الدولة الاجتماعية، لكن المواطن لا يرى سوى الدولة الانتقائية.
اللغة جميلة، الأداء محسوب، والنتائج في إجازة مفتوحة.

صدق بايتاس حين قال إن “الفساد يعرقل التقدم”، لكنّه نسي أن يقول إن الفساد الحقيقي هو حين نُحارب الفساد بالكلام، لا بالفعل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version