Moroccan Bureaucracy in a Suit… Driving the State Car Down the Road of Privilege
كشفت مصادر إعلامية أنّ المفتشية العامة للمالية كثّفت في الأسابيع الأخيرة عمليات تدقيقٍ واسعة داخل مؤسسات ومقاولات عمومية، بعد الاشتباه في اختلالات جسيمة في تدبير صفقات كراء السيارات للمصلحة بلغت قيمتها أكثر من 350 مليون درهم ، موزعة بين ثلاث شركات كبرى تهيمن على السوق وتتحرك في ظل حمايةٍ ناعمة من بعض المسؤولين.
التحقيقات، التي وُصفت بأنها الأوسع من نوعها منذ سنوات، كشفت أن بعض الإدارات العمومية تحوّلت إلى وكالات كراء مقنّعة، حيث تتزايد فواتير الكراء طويل الأمد بينما تتناقص مبادئ الحكامة والشفافية بنفس السرعة .
مؤسسات عمومية في الدار البيضاء سجلت ارتفاعًا غريبًا في عدد سياراتها، من طرازاتٍ فاخرة لا تمتّ بصلةٍ لطبيعة مهامها. فبين موظفٍ ميداني يتتبع المشاريع بسيارة “فارهة”، ومديرٍ تنقله “الميزانية” أكثر مما تنقله المركبة، يتضح أن الرفاهية الإدارية أصبحت قاعدة لا استثناء.
الأدهى من ذلك أن بعض العقود أُبرمت دون إدراج بنود الصيانة ، ما جعل الإدارات تدفع مرتين: مرةً للكراء، ومرةً للإصلاح، وثالثةً لتبرير العجز. وفي النهاية، تتوقف السيارات في الكراج… لكنّ الفواتير تواصل السير .
الحكومة كانت قد بشّرت بسياسة “الكراء بدل الاقتناء” لتقليص النفقات، لكن النتيجة كانت عكسية تمامًا: الترشيد تحوّل إلى تطريش ، والميزانية إلى طريقٍ ذي اتجاهٍ واحد.
مصادر التحقيق تؤكد أن مسؤولين عموميين أنشأوا شركات كراء بأسماء أقاربهم وأصدقائهم، فصارت الدولة تكتري من خدامها، والدائرة مغلقة بإحكام: المال العام يخرج من الخزينة… ويعود إلى الجيب نفسه .
بلغت الكلفة الإجمالية لحظيرة السيارات العمومية، بما فيها التأمين وأجور السائقين والصيانة، حوالي 900 مليون درهم سنويًا .
ومع ذلك، ما تزال بعض الإدارات تتعامل مع السيارات كما تتعامل مع الامتيازات: حقّ مكتسب لا يخضع للمساءلة.
فالسيارة الرسمية في المغرب ليست وسيلة تنقّل… بل رمز اجتماعي للسلطة، يُستعمل أحيانًا في الحضور أكثر مما يُستعمل في الإنجاز .
القصة ليست عن السيارات فقط، بل عن علاقةٍ مختلّة بين الإدارة والمال العام .
تُقسَّم الصفقات لتفادي الشفافية، وتُبرم العقود بالتراضي، ويُمنح الامتياز باسم الاقتصاد، ويُغلق الملف باسم “المصلحة”.
إنها البيروقراطية المغربية حين ترتدي بدلة فاخرة وتقود سيارة الدولة في طريق الريع.
في بلدٍ تزداد فيه السيارات العمومية بينما تتناقص الثقة العمومية ، يبقى السؤال معلّقًا في مرآة الحكومة الخلفية:
من يقود التنمية؟ ومن يكتري الطريق؟
