Integrity Becomes a Metric, Corruption Becomes a System

الفساد في المغرب لم يعد شبحًا سياسيًا، بل رقمًا يتجوّل في التقارير الرسمية.
كل عام تتغير المؤشرات، لكن النتيجة واحدة: واقعٌ ثابت، وخطابٌ متقن في تبريره.

أحمد العمومري، الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اعترف أمام البرلمان بأن الوضعية “مقلقة”، وأن كلفة الفساد “يصعب تحديدها بدقة” .
عبارة بسيطة تحمل اعترافًا مريرًا: الدولة تعرف شكل الفساد، لكنها لم تتفق بعد على طريقة قياسه .

كشفت مصادر إعلامية أن الهيئة استعرضت أرقامًا تُشبه مرآةً مشروخة .
مؤشر إدراك الفساد تراجع من 43 نقطة سنة 2018 إلى 37 اليوم، وتدهور ترتيب المغرب إلى المرتبة 99 عالميًا، بعد أن كان يُسوَّق له كنموذجٍ إصلاحي .
الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد تحوّلت اليوم إلى وثيقة تذكّر بما لم يتحقق .

الهيئة تتحدث عن “تباين المعايير” و“صعوبة التقدير”، لكن المواطن لا يحتاج إلى مختبرٍ ليفهم أن الفساد لم يعد خللًا إداريًا بل ثقافة رسمية .
رُخصٌ تُمنح، وصفقاتٌ تُفصّل، ومناصب تُدار بالولاء ، وكل ذلك يُقدَّم باسم “الإصلاح في التدرّج” ⚙️.

الأرقام التي قدّمها العمومري لا تحتاج إلى تحليلٍ مطوّل:

تراجع مؤشر غياب الفساد من المرتبة 47 إلى 95.

خسارة 32 مركزًا في التحول السياسي.

انخفاضٍ في معيار الحكامة بسبب “ضعف التوافقات”.

حتى مؤشر Trace Bribery وضع المغرب بدرجة مخاطر 56، مقابل متوسطٍ عالمي 48.7 .
النتيجة واضحة: المغرب يتفوّق على المعدّل الدولي… في الفساد لا في النزاهة .

الرد الرسمي كان كلاسيكيًا: “أنشأنا لجنة لتتبع مؤشرات الفساد.”
هكذا تُحارب البلاد الظواهر باللجان، واللجان بالبيانات، والبيانات بالصمت .
الفساد تحوّل إلى هندسة سياسية تُدار بالحسابات الدقيقة ،ويُغطّى بالعبارات المنمقة التي تزرع الأمل وتؤجل الفعل .

العالم يناقش كلفة الفساد كنسبةٍ من الناتج الداخلي الخام ، بينما المغربي يشعر بها نقدًا في جيبه: في الدواء، في المدرسة ، في النقل .
بلدانٌ تُعطل التنمية بسبب الفساد، ومغربٌ يتعلم كيف يُكيّف التنمية كي لا تُزعج الفساد .

النزاهة لا تُقاس بالمؤشرات فقط، بل بجرأة القرار .
البلاد لا تحتاج لجنة جديدة، بل إرادة قديمة كانت تُسمّى الضمير .
من يدفع ثمن الفساد ليس الخزينة، بل المواطن الذي يُموّله دون أن يشارك فيه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version