التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين صوت جبر الضرر وذاكرة الإنصاف المؤجلة

منذ 25 شتنبر 2023 شهد المشهد الحقوقي المغربي ميلاد التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين كأول إطار وطني مستقل يعنى حصرا بملف جبر الضرر جاء تأسيسها لتملأ فراغا امتد لسنوات طويلة في هذا الملف ولتعيد إلى الواجهة قضية ظلت مغيبة عن النقاش العمومي رغم عمقها الإنساني والحقوقي

انبثقت فكرة التنسيقية من وعي جماعي بأن جرح المعتقلين الإسلاميين السابقين لم يلتئم بعد وأن العدالة الانتقالية في المغرب لا يمكن أن تكون مكتملة ما لم ينصف ضحايا الاعتقال والمتابعة ظلما وقد اختارت التنسيقية منذ انطلاقتها طريقا هادئا وعقلانيا يرتكز على المقاربة الحقوقية والإنسانية بعيدا عن أي اصطفاف سياسي أو تنظيمي

ميزات التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين

تميزت التنسيقية بوضوح هدفها وتخصصها في مجال محدد هو جبر الضرر ما جعل خطابها دقيقا ومطالبها واقعية كما حافظت على استقلاليتها التامة عن التيارات السياسية والفكرية فكانت بذلك صوتا جامعا لكل المتضررين دون تمييز أو إقصاء

اعتمدت في تحركاتها على السلمية والحكمة وفضلت لغة الحوار والتواصل المباشر مع مختلف الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين كما ساهمت في توثيق شهادات الضحايا ومعاناتهم بما يخدم أي مسار إنصاف مستقبلي

إنجازات التنسيقية ودورها

من خلال عملها المتواصل نجحت التنسيقية في توحيد صفوف عدد من المعتقلين الإسلاميين السابقين تحت مظلة واحدة وأعادت الاعتبار لقضيتهم في النقاش العام بعد سنوات من التجاهل وقد أطلقت بيانات ونداءات قوية أعادت تسليط الضوء على حجم المعاناة التي ما زال يعيشها كثير من المتضررين اجتماعيا ونفسيا وأكدت على أن جبر الضرر حق لا منة وأن الإنصاف أساس العدالة والاستقرار

كما عملت التنسيقية على ترسيخ فكرة الذاكرة المشتركة بين الضحايا لتوثيق ما جرى وعدم تركه للنسيان لأن النسيان كما تؤكد شكل آخر من أشكال الظلم

ندوة الشهادات وتأسيس تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية

استطاعت التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين أن تبث شهادات مؤلمة وصادمة لمعتقليها السابقين حول ما تعرضوا له من تعذيب وترهيب واختطاف وذلك خلال ندوة خاصة نظمتها تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية بالرباط كانت تلك الشهادات لحظة فارقة أعادت الذاكرة إلى سنوات الانتهاكات الجسيمة وكشفت للرأي العام تفاصيل مروعة عن ظروف الاعتقال والتعذيب والحرمان في خطوة شجاعة نحو إحياء الذاكرة الجماعية وفضح الانتهاكات بعيدا عن روح الانتقام أو التشهير

وفي سياق متصل ساهمت التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين في تشكيل الإطار المدني الجديد تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية الذي يهدف إلى توسيع نطاق العمل الحقوقي وجمع مختلف الضحايا والفاعلين في جبهة واحدة دفاعا عن الحق في الإنصاف والاعتراف وحرصا على بناء مصالحة وطنية شاملة تحفظ كرامة الجميع

تحديات التنسيقية

رغم الجهود الكبيرة المبذولة تواجه التنسيقية نقصا واضحا في التمويل والدعم اللوجستي مما يحد من قدرتها على توسيع أنشطتها وتفعيل حضورها الميداني في مختلف المدن كما تعاني من ضعف التأطير والمواكبة من بعض المشايخ والنخب الفكرية والحقوقية التي كان ينتظر منها أن تلعب دورا أكبر في دعم هذا المسار الحقوقي المستقل ومع ذلك استطاعت التنسيقية أن تستمر بجهود ذاتية خالصة معتمدة على عزيمة أعضائها وإيمانهم بعدالة قضيتهم

خاتمة ودعوة مفتوحة

اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على تأسيسها استطاعت التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين أن تثبت وجودها كصوت حقوقي وواقعي يدافع عن فئة طالها النسيان لقد وضعت لبنة أولى في مسار وطني جديد نحو الإنصاف وأكدت أن كرامة الإنسان لا تتجزأ وأن العدل الحقيقي لا يتحقق إلا بإرجاع الحق لأصحابه ورد الاعتبار لكل من ظلم في فترات سابقة

وفي هذا السياق تتوجه التنسيقية بنداء صادق إلى العلماء والمشايخ والنخب الفكرية والحقوقية بأن يقوموا بدورهم الأخلاقي والإنساني في دعم هذا المسار وأن يسهموا في تصحيح ما تبقى من مظالم طالت أبناء هذا الوطن فصوت المظلوم لا يضعف إلا حين يصمت أهل العلم والضمير وجبر الضرر اليوم ليس ترفا حقوقيا بل واجب وطني وإنساني يفتح باب الحقيقة والعدل ويعيد الثقة بين أطياف المجتمع

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version