The Middle Class Pays, the Poor Wait, and the Rich Contribute “in Good Faith” to the Budget Law
في المغرب، صارت العدالة الاجتماعية مثل الضوء في آخر النفق: تراها الحكومات من بعيد، لكن لا تصلها أبداً.
الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أعلن أن كلفة الدعم الاجتماعي المباشر بلغت 44.6 مليار درهم إلى متم شتنبر 2025، وهو رقم يُفترض أنه يعكس “أثر الدولة الاجتماعية” في الميدان.
لكن خلف الأرقام، هناك واقع لا تكتبه البلاغات:
فقراء ينتظرون الفرج، وطبقة وسطى تموّل الجميع، وأغنياء يساهمون “بنية حسنة” في قانون المالية.
كشفت وثائق رسمية أن الحكومة تعمل على ضمان “استدامة تمويل ورش الحماية الاجتماعية” من خلال مصادر تمويل مبتكرة ومستديمة، مثل ضرائب ألعاب الحظ، والمساهمة الإبرائية على الممتلكات بالخارج، والمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح.
لكن حين يتحول التضامن إلى ضريبة، والعدالة الاجتماعية إلى رقم في الميزانية، يضيع الفرق بين السياسة الاجتماعية والسياسة الجبائية.
فوزي لقجع تحدث عن “مقاربة جديدة” تجمع بين ترشيد النفقات وعقلنة البرامج ورفع الأثر.
لغة تقنية جميلة، لكنها تخفي مفارقة مؤلمة:
كيف يمكن للعقلنة أن تُغني أسراً تعيش بلا ماء، وبلا نقل، وبلا أفق؟
وكيف يمكن لترشيد النفقات أن يخلق العدالة في بلدٍ يترشّد فيه الفقراء كل يوم ليدفعوا ثمن التوازن المالي؟
الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، التي أنشئت لتفعيل هذا الورش، تقول إنها ستعتمد سياسة القرب من خلال “مواكبين اجتماعيين” و“تمثيليات ترابية”.
مفهوم جميل على الورق، لكنه يحتاج إلى طريق، ومكاتب، ومواطنين يعرفون أصلاً كيف يصلون إلى الدعم.
في القرى البعيدة، القرب لا يعني المكاتب، بل المعيشة اليومية.
وحين يتحدث المسؤولون عن “تخفيف مظاهر الهشاشة”، تبتسم الأسر لأن الهشاشة عندها ليست مظهراً… بل حياة.
44.6 مليار درهم رقم ضخم فعلاً لكن كم أسرة خرجت من الفقر؟ كم طفل عاد إلى المدرسة؟ كم أم استفادت من الرعاية؟
الجواب غائب، لأن الحكومة ما زالت تشتغل بمفهوم “التصريح قبل التقييم”.
كل شيء يُعلن قبل أن يتحقق، وكل ورش يُطلق قبل أن يُبنى.
تقول الحكومة إنها أعادت “توجيه 15 مليار درهم” من البرامج القديمة نحو الدعم الاجتماعي المباشر.
لكن من يتابع التاريخ القريب يعرف أن الأسماء فقط هي التي تتغير:
من “تيسير” إلى “المساعدة الاجتماعية” إلى “الدعم الاجتماعي المباشر”.
نفس المستفيدين، نفس الصعوبات، ونفس السؤال المؤجل: أين الأثر؟
الحكومة تَعِد بأن الوكالة ستقيم “نظاماً لتتبع الأثر وتقييم النجاعة” عبر مؤشرات التنمية البشرية.
لكن المغاربة صاروا يعرفون أن المؤشرات في المغرب تشبه درجات الحرارة في نشرات الأخبار: ترتفع وتنخفض… دون أن تغيّر شيئاً في الطقس الحقيقي للبلد.
الواقع يختصر كل شيء:
مدنٌ تُنفق فيها الملايير على المهرجانات، وقرى تنتظر صنبور ماء واحد يشرب منه الجميع.
وهنا جوهر المفارقة:
المغرب يُنفق 44.6 مليار درهم على الدعم الاجتماعي، لكنه ما زال يحتل مراتب متأخرة في مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد.
يُحدث وكالاتٍ ومجالسَ ولجاناً، لكن لا يُحدِث التغيير في حياة الناس.
يتحدث عن الدولة الاجتماعية، لكنه يسندها إلى نفس المنطق المالي الذي خلق اللامساواة في الأصل.
في النهاية، الدعم الاجتماعي في المغرب يشبه مسرحية مالية طويلة:
الديكور متقن، النص مكتوب بعناية، الإضاءة مدروسة، لكن الجمهور أي الشعب ما زال ينتظر المشهد الذي يصفّق فيه لنفسه لأنه شعر فعلاً أن الدولة كانت إلى جانبه، لا فوقه.
العدالة الاجتماعية ليست شعاراً على واجهة الميزانية، بل تجربة إنسانية تُقاس بكرامة الناس لا بحجم الاعتمادات.
وحين تتحول العدالة إلى معادلة محاسبية، يصبح المواطن مجرد رقم آخر في دفتر الدولة، ينتظر أن يصله “الفرج” عبر تطبيق إلكتروني.
