The Prosecutor’s Report Leaves Questions Hanging… While the Cameras Miss the Moment of Truth

حين يرحل مناضل في هذا البلد، لا يرحل وحده… يرحل ومعه جزء من الذاكرة التي تأبى النسيان.
سيون شمعون أسيدون لم يكن مجرد رجلٍ يعتني بحديقته، بل كان يعتني بضمير وطنٍ ظلّ يحلم بالعدالة والكرامة.
وبعد إعلان النيابة العامة أن الوفاة ناتجة عن “سقوط من السُّلَّم أثناء تشذيب الحديقة”، ظلّت الأسئلة معلقة:
هل سقط أسيدون فعلًا من السُّلَّم، أم أن تفاصيل البلاغ تركت أكثر من منطقة رمادية في تفسير الحادث؟

البلاغ أشار إلى أن الكاميرات رصدت دخوله إلى المنزل، ولم تُظهر دخول أي شخص آخر، وهو ما يعزز فرضية الحادث العرضي.
لكن ما لم يوضحه البلاغ في نظر الرأي العام هو ما إذا كانت الكاميرات وثّقت لحظة السقوط نفسها، أو كيفية حدوثها، خاصةً في ظل الحديث عن إصابة رضّية في الرأس ونزيف دموي حاد.
فالناس، بطبيعتهم، لا يُجادلون العلم، لكنهم يُحاولون فهم ما لم يُذكر.

لغة البلاغ جاءت دقيقة وباردة، تحمل مصطلحات طبية داخل قالبٍ قضائي، وكأنها تحاول إغلاق باب التأويل.
غير أن هذه الدقة التقنية، بدل أن تُنهي الجدل، زادت من حيرة المتابعين.
فحين يُقال إن “البصمات والعينات البيولوجية تعود للمعني بالأمر وحده”، لا يطعن أحد في مصداقية التحقيق، لكن يتساءل كثيرون: هل وحده كان حاضرًا في المشهد؟ أم أن الصمت أيضًا كان شاهدًا؟

سيون أسيدون لم يكن شخصية عادية.
يهوديٌّ مغربيٌّ آمن بعدالة القضية الفلسطينية ودافع عنها بوضوحٍ أربك التوازنات الرمادية.
رجلٌ جمع بين الموقف الإنساني والجرأة الفكرية، فصار موته محاطًا برمزية أكبر من الواقعة نفسها.
ولذلك، فإن كل تفصيلٍ في قضيته لم يعد مجرد معلومة، بل جزءًا من ذاكرة وطنٍ يُريد أن يفهم أكثر مما يُريد أن يحاكم.

البلاغ أغلق جانبًا من النقاش القضائي، لكنه فتح الباب أمام نقاشٍ إنساني أوسع حول الشفافية في القضايا التي تمس الرأي العام.
فالمغاربة لا يطلبون أكثر من رواية واضحة، تُعيد الثقة بين المؤسسات والمجتمع، وتُبدد أي لبسٍ يمكن أن يتحول إلى تأويل.

ويبقى الأكيد أن الراحل سيون أسيدون، الذي عاش حياته مدافعًا عن القيم، ترك بعد رحيله درسًا جديدًا في الصدق والالتزام.
رحل جسده، لكن بقي صوته يُذكّرنا بأن الحقيقة، مثل الكرامة، لا تموت بسهولة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version