From Health Insurance to Pilgrimage Expenses… The Parliament of Privileges Reviews Its Wishlist

بينما تتحدّث الحكومة عن “الدولة الاجتماعية” وتكرّر خطاب العدالة المجالية، يظهر من تحت قبة البرلمان مشهدٌ يلخّص المفارقة كلّها:
برلمانية تطالب بتأمينٍ صحيٍّ خاصٍّ للنواب، على غرار زملائهم في مجلس المستشارين، قائلة بثقة:

“نريد أن يصبح تأميننا مثل تأمينات مجلس المستشارين، فهناك يكفي ورقة واحدة للسفر إلى الخارج من أجل التداوي.”

هكذا ببساطة.
في بلدٍ لا يجد فيه المواطن ورقةً لزيارة الطبيب، يريد نائب الأمة ورقةً واحدة لرحلة علاجية إلى الخارج.
وربما قريبًا… رحلة حجٍّ مضمونة المصاريف من ميزانية البرلمان.

القيادية الاستقلالية خديجة الزومي لم تتحدث عن إصلاح نظام التأمين للمغاربة، بل عن تحسين نظام الامتيازات للنواب.
وكأنّ البرلمان تحوّل إلى نقابةٍ للامتيازات أكثر منه مؤسسةً للرقابة.
المنطق معكوس: الشعب ينتظر إصلاح المنظومة الصحية، بينما ممثلوه يُصلحون بنود تأمينهم الخاص.

كشفت جلسة دراسة ميزانيتي مجلسي النواب والمستشارين مساء أمس الجمعة 7 نونبر عن مستوى جديد من الانفصال بين “النخبة التشريعية” و“الواقع الاجتماعي”.
فبينما يطالب المواطنون ببنيةٍ صحية تحفظ كرامتهم، يطالب بعض نواب الأمة ببنيةٍ مالية تحفظ رفاههم.
إنها عدالة التأمين الطبقي: حيث يتداوى النائب في باريس، ويتسوّل المواطن الدواء في أكادير.

البرلمانية تحدّثت عن “إكراميات” وامتيازات، وكأنّ السياسة تحوّلت إلى مهنةٍ لها لائحة أسعار خاصة.
في هذا الزمن، لم يعد البرلمان سلطةً تمثيلية، بل إدارةً عمومية لموظفين كبار، يكتبون لأنفسهم التعويضات، ويمنحون أنفسهم التغطية الصحية، ويبرّرون امتيازاتهم بخطاب “التمثيل الشعبي”.

وللمفارقة، يأتي هذا النقاش في وقتٍ يعيش فيه قطاع الصحة موجة احتجاجات متكرّرة بسبب ضعف التجهيزات ونقص الموارد البشرية، وفي وقتٍ تحاول فيه الحكومة إقناع الداخل والخارج بأنها تبني “دولة اجتماعية”، بينما يتسابق ممثلوها في البرلمان إلى تكريس دولةٍ موازية… دولة الامتيازات.

الجيل الجديد من الشباب، الذي خرج للاحتجاج تحت اسم “جيل زيد”، لم يكن يطلب سوى مستشفى نظيف ومدرسةٍ تليق بالكرامة، لكنّه اليوم يشاهد ممثليه يتفاوضون على تأمينٍ يضمن لهم العلاج في الخارج، لا في المستشفى الذي يمثّلونه في الداخل.
إنها مفارقة تُلخّص جوهر الأزمة:
النواب يتحدثون باسم الشعب، لكنهم يعيشون خارج جسده.

في الأنظمة الديمقراطية، يُمنح النائب تأمينًا سياسيًا ضدّ الابتزاز، لا تأمينًا صحّيًا ضدّ ازدحام المستشفيات.
أما في الديمقراطية المغربية قيد التجريب، فيبدو أن بعض البرلمانيين يريدون تأمينًا ضدّ كل شيء… حتى ضدّ محاسبة الرأي العام.

وفي انتظار أن تُضاف “مصاريف الحج” رسميًا إلى ميزانية البرلمان، سيبقى السؤال معلّقًا في سجلّ “الدولة الاجتماعية”:
من يؤمّن الشعب من تأمينات نوابه؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version