From Faten Hamama to the Parliament… A Statement that Shakes Family Values and Questions the Moral Direction of Government

في لحظةٍ برلمانية بدت أقرب إلى مشهدٍ سينمائي منها إلى نقاشٍ حكومي، أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي موجةً واسعة من الجدل بعد أن قال أمام النواب:
«ما شأنكم أنتم بالزواج والطلاق. من أراد أن يتزوج فليتزوج ومن أراد أن يطلق فليطلق.»
«هل تريدون أن يتضمن البرنامج الحكومي الزواج والطلاق؟»
«ما دخلنا في تربية الأطفال.»
«الطلاق كان عسيرًا حسب فيلم فاتن حمامة أريد حلاً.»

كلماتٌ خفيفة في ظاهرها، لكنها ثقيلة في معناها، صُفّق لها بعض البرلمانيين وضحك آخرون، بينما تجمّد الإحساس بالمسؤولية داخل القاعة.
فأن يُستهان بملفٍّ بحجم الزواج والطلاق، تحت قبةٍ يُفترض أن تكون حاميةً للقيم، فذلك ليس مجرد خروج لغوي، بل خروج رمزي عن الميثاق الأخلاقي الذي يربط الدولة بالمجتمع.

الوزير السابق عزيز رباح لم يضحك. اكتفى بأن ينقل التصريحات حرفيًا حتى “لا يظلم الوزير ولا يختلق عليه”، ثم كتب بلغةٍ دستوريةٍ باردةٍ كعادته، لكنها أحرقت الفكرة من جذورها.
ذكّر بالفصل 32 من الدستور الذي ينص على أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، وأن الدولة ملزمة بحمايتها وضمان استقرارها ووحدتها.
وذكّر أيضًا بأن الحكومة نفسها تضم وزارةً تحمل اسم “وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة”، من مهامها إعداد الاستراتيجية الوطنية للأسرة المغربية، والتنسيق بين القطاعات لحماية الروابط الاجتماعية، وتمكين النساء اقتصاديًا، ودعم الوساطة الأسرية لتفادي التفكك.

ثم سأل رباح السؤال البسيط العميق: كيف لوزير العدل، الذي يفترض أن يكون حارس النصوص القانونية، أن يُحوّل قضيةً بهذا العمق إلى نكتة برلمانية وفيلم مصري؟ كيف يمكن لرجل دولة أن يستشهد بعملٍ درامي لتبرير موقفٍ سياسي داخل مؤسسةٍ تشريعية؟

من فيلم “أريد حلاً” إلى واقعٍ يقول “أريد موقفًا”، تتبدّل الأدوار بين الممثلين والساسة. فما قاله وهبي لا يبدو زلة لسان، بل إشارةٌ من تيارٍ داخل الحكومة يرى أن قيم الأسرة لم تعد أولوية، وأن الزواج شأنٌ شخصي لا علاقة له بالدولة، وأن الطلاق حرية لا قضية.
لكن كما كتب رباح في تدوينته، فالأمر أخطر من مجرد رأي، إنه تعبير عن توجهٍ رسميٍّ جديد يستهين بالقيم ويقيس القضايا المجتمعية بمسطرة “الحرية الفردية” وحدها، دون اعتبارٍ لما تحمله من تبعاتٍ اجتماعيةٍ وأخلاقية.

إنّ المغرب الذي نصّ دستوره على حماية الأسرة ليس هو المغرب الذي يُسمح فيه بالتقليل من شأنها في البرلمان.
فحين تُستبدل لغة الدستور بلغة السيناريو، يتحوّل النقاش إلى مسرح، وتتحول الحكومة إلى ممثلٍ يقرأ نصًا لا يفهم معناه.
والسخرية هنا ليست في التصفيق، بل في اللامبالاة التي رافقت هذا التصريح وكأنها أمرٌ عادي.

قد يقول البعض إن الوزير كان يمزح، لكن المزاح حين يصدر عن من يحمل حقيبة العدل يفقد براءته.
لأن الكلمة من موقع السلطة ليست مجرد رأي، بل سياسة. ومن يستخفّ بمؤسسة الأسرة يستخفّ بالأساس الأخلاقي للمجتمع كله.
فالحرية التي يتحدث عنها البعض لا تكتمل إلا بوجود بيتٍ متماسكٍ وقيمٍ راسخة، والزواج ليس قيدًا على الحرية بل جذرًا لها.

في النهاية، يتبقى السؤال معلّقًا بين قاعة البرلمان وصفحات الفيسبوك: هل كانت تصريحات وهبي تعبيرًا عابرًا عن فكرٍ شخصي، أم إشارةً إلى تحوّلٍ ثقافيٍ أعمق داخل الدولة؟
ومهما كانت الإجابة، فإن ما حدث كان كافيًا ليهزّ الوعي الجمعي حول صورة الحكومة واتجاهها الأخلاقي.

من فاتن حمامة إلى عبد اللطيف وهبي، ومن فيلم “أريد حلاً” إلى واقعٍ يحتاج فعلًا إلى حلٍّ سياسي وأخلاقي… يبقى الأمل أن يتذكر الجميع أن للبيت ربًّا يحميه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version