Tax Privileges Worth Billions… While Fiscal Fairness Takes a Vacation

العدالة الضريبية في المغرب لم تعد مسألة أرقام، بل امتحانٌ حقيقيّ لميزان الدولة بين المال والإنصاف.
تقرير نفقات الميزانية الجبائية لسنة 2026 يكشف أن الخزينة العامة تنازلت سنة 2024 عن قرابة 73 مليار درهم من المداخيل، أي ما يعادل 14 في المائة من مجموع الضرائب.

رقمٌ ضخم يعادل ميزانية التعليم العالي والصحة معًا، يُقدَّم باسم “التحفيز الاقتصادي”، بينما الحقيقة أنّه تحفيز انتقائيّ لا يشمل الجميع.

أكثر من نصف هذه النفقات متركّز في خمس قطاعات كبرى: الفلاحة، العقار، الصناعة، النقل والطاقة. المستفيدون معروفون في الصالونات الاقتصادية، مجهولون في التقارير الرسمية.

العمال الصغار يدفعون الثمن، والكبار يجنون الإعفاء. أكثر من 60 في المائة من الامتيازات الجبائية تأتي في شكل إعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة، ما يعني أن الدولة تتنازل عن مواردها باسم المستهلك، لكن الأسعار في الأسواق تسير في الاتجاه المعاكس. المواطن لا يعرف أين ذهب الإعفاء، ولا متى سيعود أثره.

كل سنة تُنشر وثيقة أنيقة بالأرقام، لكن الأسماء تبقى في الظل. السرّية الجبائية تحمي المعطيات التجارية، وتخفي في الوقت نفسه المستفيدين من المال العام عبر الإعفاءات.

لماذا لا تُنشر لائحة الشركات المعفاة؟ ولماذا لا يُعرض أمام البرلمان تقريرٌ يوضح ما قدّمته هذه الشركات للدولة مقابل الامتياز؟ المبدأ بسيط: من استفاد من الخزينة، عليه أن يُثبت أنه أفادها. لكن لا أحد يسأل، ولا أحد يجيب.

بلغ عدد التدابير الجبائية ذات الطابع التحفيزي حوالي 470 إجراءً، منها 330 ما تزال فعّالة و140 ميتة إداريًا. تراكمٌ بلا رؤية يوحي بأنّ كلّ حكومة تضيف إعفاءاتها كما تُضيف توقيعًا على لوحة قديمة.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات سبق أن أشار إلى أنّ كثيرًا من هذه الإعفاءات لم تُحدث أثرًا في التشغيل أو الاستثمار، ما يجعلها أشبه بمنح مجانية لمشاريع كانت ستنجح على أي حال.

رغم دمج القطاع الفلاحي في النظام الجبائي منذ عقدٍ من الزمن، ما زالت الفلاحة الكبرى تستفيد من امتيازات استثنائية، بينما الفلاح الصغير لا يعرف من الدعم سوى الشعارات.

في “المغرب الأخضر”، يبدو أنّ الإعفاء هو الثمرة الوحيدة التي تُقطف كل موسم. القطاع العقاري بدوره يحتفظ بمكانته المريحة على لائحة المستفيدين تحت لافتة “السكن الاجتماعي”، غير أنّ الواقع يفضح التناقض: الإعفاءات غذّت المضاربات أكثر مما غذّت بيوت الطبقات المتوسطة. الربح مضمون، والعدالة مؤجّلة.

تقرير 2026 يعكس إرادة مؤسساتية نحو الشفافية، لكنه لا يجيب عن السؤال الجوهري: من يُعفي من؟ ولماذا؟ ما دامت الإعفاءات لا تُربط بنتائجٍ ملموسة في التشغيل والتنمية، ستظلّ النفقات الجبائية منطقة رمادية داخل المالية العمومية.

العدالة الضريبية ليست ترفًا تقنيًا، بل رهان الثقة بين الدولة ومواطنيها، ومقياس نزاهة اقتصادٍ يريد أن ينمو دون أن يُرهق من يدفع الفاتورة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version