Driss Sentissi… From Hotel Doorman to the Billionaire Who Devoured Salé
عن تحقيق الصحافي عبد الوفي العلام – قناة ريحانة بريس (9 يونيو 2024)
قصص الصعود في المغرب كثيرة، لكن قليلًا منها يثير الأسئلة أكثر مما يقدّم الأجوبة.
من بين تلك القصص، تبرز حكاية إدريس السنتيسي، الرجل الذي بدأ حياته في مداخل الفنادق يحمل حقائب الآخرين، وانتهى في مداخل السياسة والمال يقرّر مصائرهم.
رحلةٌ وُلدت في هامش مدينة مكناس، وكبرت بين مطابخ الفنادق ودهاليز الإدارة، قبل أن تتحول إلى نموذجٍ صارخٍ لما يسميه الصحافي عبد الوفي العلام: زواج المال بالسلطة.
من مكناس إلى سلا… الطريق الذي لم يكن معبّدًا بالصدفة
وُلد إدريس السنتيسي في مكناس، وغادرها شابًا في سبعينيات القرن الماضي نحو الدار البيضاء،
لا يحمل سوى طموحٍ ضبابيٍّ ورغبةٍ في النجاة من الفقر.
عمل فيدورًا في فندق “كازابلانكا”، ثم في فندق هيلتون الشهير،
حيث كانت وظيفته فتح الأبواب للزبائن الأثرياء بابتسامةٍ ثابتة،
بينما كان القدر يُعدّ له بابًا آخر يُفتح من جهةٍ مختلفة تمامًا.
بعد سنواتٍ من الوقوف أمام المداخل، قرّر دخول الداخل.
حصل على ديبلوم في الفندقة تخصص الطبخ، وانتقل إلى مدينة سلا للعمل طباخًا.
غير أن الشاب الذي تمرّس على حرارة المطبخ، اكتشف سريعًا أن النار الحقيقية ليست في المقلاة،
بل في لعبة النفوذ التي تتحكم في مصير المدن.
من ورشة نجارة إلى دهاليز الإدارة
غادر عالم الطبخ ليجرب حظه في مهنةٍ أخرى.
فتح ورشةً صغيرةً للنجارة داخل حيٍّ سكني في سلا، لكن شكايات الجيران وتدخلات السلطات لإغلاق الورشة جعلته يواجه أول اختبارٍ مباشرٍ مع السلطة.
منذ تلك اللحظة، بدأ يدرك أن الصراع الحقيقي ليس في الحرفة، بل في من يرخص لها.
تغيّرت البوصلة، وبدأ طريقًا جديدًا رفقة شقيقه عمر السنتيسي، حين التحقا بمؤسسةٍ جهويةٍ للتجهيز والبناء تُعرف باسم ليراك (LERAC)،
التي تحولت لاحقًا إلى شركة العمران.
اشتغل إدريس في القسم المالي، وبدأت تتوسع علاقاته بسرعةٍ لافتة، إلى أن اندلعت في بداية الثمانينيات أولى العواصف:
اتهاماتٌ بالتلاعب المالي داخل المؤسسة، تسببت في اعتقاله رفقة شقيقه عمر، وإحالة الملف على محكمة العدل الخاصة.
لكن القضية انتهت كما بدأت: في الغموض.
أُطلق سراحهما دون تفسيرٍ واضح، “بقدرة قادر”، كما يصف الصحافي عبد الوفي العلام، “وبدون أن يعرف أحد من تدخّل أو كيف اختفى الملف من رفوف العدالة.”
العودة من الصفر… حين أصبح التعليم طريقًا إلى الذهب
بعد خروجه من السجن، قرر السنتيسي أن يبدأ من جديد، لكن هذه المرة في مجالٍ مختلف تمامًا: التعليم الخصوصي.
سنة 1981 شكّلت البداية الفعلية لمشروعٍ جديد في حي السلام بسلا، حين أسّس أول مؤسسة تعليمية له،
قبل أن تتوسع بسرعةٍ لتصبح شبكة مدارس الأمانة، ثم لاحقًا مدرسة ليناب للمعلوميات.
يقول التحقيق إنّ الاستثمار في التعليم لم يكن هدفه المعرفة بقدر ما كان بوابةً إلى النفوذ.
ومن خلال هذا المشروع، بدأ السنتيسي في نسج علاقاتٍ وثيقة مع رجال السلطة المحليين، وخاصةً عامل مدينة سلا آنذاك، الذي جمعته به صداقةٌ قوية، وأصلٌ مشترك من مكناس.
وثائق تكشف التجاوزات… والمدينة تدفع الفاتورة
الوثائق التي عرضها موقع ريحانة بريس تُظهر استفادة السنتيسي من تسهيلاتٍ غير مسبوقة، منها تجاوز تصاميم التهيئة وبناء مؤسساته على مناطق خضراء مملوكة للدولة، إضافةً إلى تهيئة طرقٍ على حساب ميزانية جماعة سلا لتصل بين مدارسه ومؤسساته الخاصة.
يصف الصحافي عبد الوفي العلام هذه المرحلة بأنها “التحالف الصامت بين السلطة والمال”، حيث تتحول المدينة إلى ملكٍ خاصٍّ يُدار وفق منطق الزبونية والمصلحة المتبادلة.
وخلال عقدٍ واحد، صار السنتيسي واحدًا من أغنى رجال سلا، يمتلك أسطولًا من سيارات النقل المدرسي تجاوز 40 سيارة في تلك الفترة، وشبكةً واسعةً من العلاقات الإدارية والسياسية التي جعلت منه رجلًا يُحسب له ألف حساب.
بين الإعلام والقضاء… مواجهة على أرض الوثائق
بعد بثّ الحلقات الأولى من سلسلة زواج المال بالسلطة، أعلن إدريس السنتيسي، عبر محاميه، أنه سيتّجه إلى القضاء لمتابعة وسائل إعلامٍ اتهمها بـ”المسّ بكرامته”.
الردّ جاء من الصحافي عبد الوفي العلام بوضوحٍ وثقة:
“ليكن القضاء ساحة الحقيقة.
نحن نملك الوثائق، والتاريخ لا يُرهبنا.”
أكد العلام أن بحوزته وثائق تعود إلى سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، إضافةً إلى شهاداتٍ من مسؤولين ومواطنين ما زال بعضهم في مواقع القرار إلى اليوم، مشيرًا إلى أن ما نُشر حتى الآن ليس سوى البداية.
مدينة تبيض ذهبًا… ورجل يبتلعها بصمت
يختتم الصحافي عبد الوفي العلام حلقته الأولى بخلاصةٍ مريرة:
قصة إدريس السنتيسي ليست قصة نجاحٍ شخصي، بل مرآةٌ لنظامٍ يُكافئ من يجيد الجمع بين المال والنفوذ.
في مدينةٍ تُوصف بأنها “مدينة الأشباح”، حيث تتجاور البطالة والجريمة والتهميش، تحوّل التعليم إلى تجارةٍ مربحةٍ تبيض الذهب،وأصبحت سلا كما يقول التحقيق “تعمل لتموّل ثراء رجلٍ واحد.”
“من فيدور في فندق إلى ملياردير في سلا…
ليست حكاية صعودٍ اجتماعي، بل درسٌ في كيفية صعود المال على أكتاف الدولة.”
