حين تتحوّل المدرسة العليا للأساتذة بالرباط إلى مختبرٍ لتجريب النفوذ بدل تجويد الكفاءة، يصبح السؤال أكثر من بيداغوجي: من يدرّس من؟ الوزير أم الجامعة؟
كشفت مصادر إعلامية أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف الميراوي، اقترح اسمًا مقربًا من رئيس جامعة محمد الخامس لتولي منصب مدير المدرسة العليا للأساتذة، خلفًا لرئيستها الحالية التي يشهد لها الأساتذة بالجدية والحكامة.
الاقتراح، الذي يُرتقب أن يُعرض على المجلس الحكومي للمصادقة، فجّر حالة من الاستغراب داخل الأوساط الجامعية، بعدما وُصف بأنه “تعيين على المقاس الأكاديمي”، يفرغ مبدأ الكفاءة والاستحقاق من محتواه.
المصادر نفسها أكدت أن المترشح المقترح تجاوز السن النظامي للمنصب (63 سنة)، ولم يُقدّم أي مشروع علمي أو بيداغوجي يمكن مقارنته بمشاريع باقي المترشحين الذين خاضوا المسطرة كاملة.
الأغرب، تقول المصادر، أن اللجنة المكلفة بالانتقاء تراجعت عن نتائجها الأصلية، وحذفت أسماء حصلت على أعلى التنقيطات، ما جعل الأساتذة يتساءلون: هل تحوّلت “المدرسة العليا للأساتذة” إلى مدرسةٍ لتدبير الولاءات؟
اتهاماتٌ عديدة طالت رئيس جامعة محمد الخامس محمد الغاشمي، بشأن تدخله لفرض اسم صديقه في المنصب، فيما لم يُبدِ الوزير الميراوي أي اعتراض، رغم أنه أكثر من تحدّث مؤخرًا عن قيم المصداقية والاستحقاق.
هكذا صار المشهد واضحًا: الجامعة ترسم، الوزارة تُوقّع، والأساتذة يراقبون من بعيد امتحانًا مفتوحًا في مادة النفوذ المؤسساتي.
الأساتذة عبّروا عن غضبهم من تكرار هذه السيناريوهات التي تحوّل التعيينات الجامعية إلى “صفقات رمزية”، والنقابات بدورها تستعد لطرح الملف خلال اجتماعٍ مقبل، مطالبة بفتح تحقيق في مسار الانتقاء وإعادة الاعتبار للشفافية التي “تحولت إلى شفوي”.
وفي النهاية، يبدو أن الميراوي أضاف لمناهج التعليم العالي مادة جديدة:
“النفوذ المؤسساتي التطبيق العملي”.
درس مجاني في كيف تُدار الكفاءة بالمقلوب، وكيف يصبح الامتحان مفتوحًا لمن يملك المفاتيح لا لمن يحمل الشهادات.
