Insurance Lobby Inside Parliament… Who Really Writes the Laws?
لحظة سياسية غير معتادة هزّت البرلمان المغربي، بعدما كشف رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، النائب الاتحادي سعيد بعزيز، معطيات مثيرة حول ما وصفه بتحركات جهات اقتصادية مرتبطة بقطاع التأمين أثناء مناقشة مشروع قانون يتعلق بحوادث السير، وذلك وفق ما ورد في مداخلته الرسمية بحضور وزير العدل.
كانت التصريحات لافتة لأنها صادرة من داخل المؤسسة التشريعية نفسها، وليست من مراقب خارجي.
بعزيز تحدث بلغة مباشرة قائلاً: «الفساد يوجد في كل المؤسسات… وقد عاش البرلمان خلال الأيام الماضية تحرك لوبي حاول فرض تعديل لفائدة مقاولات التأمين، وتمكّن فعلاً من تمريره».
الاقتباس فتح نقاشاً واسعاً حول استقلالية المؤسسة التشريعية وقدرتها على التعامل مع الضغوط المرتبطة بالمصالح الاقتصادية، خاصة في القطاعات ذات الحساسية مثل التأمين.
ومع توضيحه أن تلك التحركات تمت داخل الغرفة الثانية، دون توجيه اتهام مباشر لأي جهة محددة، بدا أن مداخلته تسلط الضوء على قضية أوسع تتعلق بحدود تأثير جماعات الضغط على النقاش القانوني وكيفية صناعة القرار داخل المؤسسات المنتخبة.
تصريح من هذا النوع يضع أسئلة جوهرية أمام الرأي العام حول آليات حماية التشريع من تضارب المصالح.
وفي نهاية مداخلته، توجه النائب إلى وزير العدل قائلاً: «نريد جواباً عن هذه المعضلة، ونريد تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة».
الجملة تعكس توجهاً عالمياً نحو تعزيز الشفافية في العمل التشريعي وتنظيم علاقة المصالح الاقتصادية بالمؤسسات السياسية، وهي قضايا تناقش اليوم في العديد من الديمقراطيات.
النقاش الذي أطلقه بعزيز يجد صداه في تجارب دولية عديدة، حيث تعمل برلمانات أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا على تنظيم اللوبيات وتسجيل أنشطتها وتقييد تأثيرها بما يعزز ثقة المواطنين.
المغرب، عبر هذا النقاش الذي خرج من داخل البرلمان نفسه، يقترب من هذا المسار الدولي الذي يعيد تعريف الحدود بين السلطة السياسية والنفوذ الاقتصادي.
وإذا كان تعديل حوادث السير هو نقطة انطلاق النقاش، فإن الأسئلة تمتد أبعد من ذلك: كيف يمكن للرأي العام أن يثق في القوانين إن كان النقاش حولها يجري في ظل تأثيرات غير متوازنة بين المصلحة العامة والضغوط الاقتصادية؟ وكيف يمكن للمؤسسات المنتخبة أن تطور آليات ذاتية تضمن استقلالية التشريع وشفافيته؟
تصريحات بعزيز، رغم حدّتها الظاهرية، تبدو أقرب إلى دعوة مفتوحة لإعادة ترتيب العلاقة بين الاقتصاد والسياسة داخل البرلمان، وتعزيز الأدوات الرقابية التي تجعل المؤسسة التشريعية أكثر قدرة على حماية مسار التشريع.
ويظل السؤال قائماً: عندما تلتقي السياسة بالمال، من يكتب فعلاً النص الأول للقانون؟
