MP Says Corruption Is Just an “Impression”… And the Illicit Enrichment Law Would Put Everyone on “Provisional Release”!
لم يكن تصريح البرلمانية قلوب فطيح داخل لجنة العدل حدثاً بروتوكولياً عابراً، بل كان تعبيراً مكثّفاً عن لحظة سياسية تتململ تحت ضغط الأسئلة المعلّقة، وصورة مؤسسات تبحث عن استعادة ثقتها عبر الدفاع لا عبر المكاشفة.
فطيح قدّمت واحدة من أكثر الجمل إثارة منذ بداية الدورة البرلمانية حين قالت إن الفساد في المغرب “مجرد انطباع”، وإن ما يعيشه الرأي العام اليوم ليس نتيجة وقائع، بل نتيجة شعور جماعي تغذّيه حسب قولها “وسائل التباغض الاجتماعي”.
هذا الخطاب يحاول نقل الفساد من خانة السلوك إلى خانة الإحساس، وكأن المواطنين لا يرون واقعهم، بل يتوهمونه.
وكأن تراكم الشبهات المرتبطة بالصفقات والرخص والتعيينات وتضارب المصالح، وكل ما يطفو بشكل دوري في الفضاء العمومي، ليس سوى صدى مبالغاً فيه لخيال جماعي متعطّش للنقد.
وتضيف البرلمانية أن السياسي “أصبح متهماً”، وأن البرلماني “لا يتصرف في الميزانيات”، وبالتالي لا يمكن أن يكون موضع شبهة.
غير أن جوهر الأزمة لا يكمن في المال فقط، بل في سلطة التأثير. فالبرلماني يملك ما يفوق الميزانية: يملك القدرة على الدفع والتوجيه والمساءلة، ويشتغل داخل دوائر النفوذ التي لا تظهر في الوثائق الرسمية، لكنها حاضرة بقوة في ممارسات الواقع السياسي اليومي.
أما مهاجمة السوشيال ميديا وتحميلها مسؤولية “تسفيه العمل النيابي”، فهي محاولة لإعفاء المؤسسات من مسؤولية مراجعة صورتها.
فالسوشيال ميديا لا تصنع الفساد، بل تكشفه. ولا تخلق الشبهات، بل تسرّع تداولها.
حين يكون الأداء السياسي قوياً، لا يستطيع منشور أن يُحدث فيه شرخاً، وحين تكون الممارسات هشة، تصبح كل مرآة رقمية أو ورقية تهديداً محرجاً.
العبارة الأكثر حساسية في مداخلة فطيح كانت حين قالت إن إحالة قانون الإثراء غير المشروع على البرلمان “ستجعل الجميع في حالة سراح مؤقت”، لأن المسؤول سيُطالب بتبرير حتى “ربطة العنق والحذاء”.
هذا الاعتراف وحده يكشف أن الخوف ليس من القانون، بل مما قد يكشفه القانون.
فإذا كانت فواتير بسيطة تُحدث كل هذا التوتر، فكيف بالممتلكات الثقيلة والعقارات والتحويلات والشبكات التي تشتغل خارج الضوء؟
وتقول البرلمانية إن النواب أصبحوا “مصدر الشبهة”، لكن الشبهة لم تأتِ من فراغ.
جاءت من مسافة طويلة بين الخطاب والممارسة، ومن ملفات ظلت عالقة بلا حسم، ومن إحساس المواطنين بأن المؤسسات تتعامل مع الشفافية كاستثناء لا قاعدة.
استعادة الثقة لن تتحقق بإعادة تعريف الفساد، أو وصفه بأنه “انطباع”، بل بإعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمحاسبة.
الرسالة التي حملتها مداخلة فطيح واضحة: الأزمة اليوم ليست أزمة قوانين، بل أزمة ثقة.
ليست أزمة انطباعات، بل أزمة واقعٍ يخشى بعض الفاعلين كشفه.
قانون الإثراء غير المشروع لا يهدد المؤسسات، بل يعيد ترتيب العلاقة بينها وبين الرأي العام والخوف منه يكشف أكثر مما يخفي.
حين يصبح النقد أخطر من الفساد، وحين يصبح “الانطباع” هو المتهم بدل الممارسة، فذلك يعني أن لحظة الحقيقة تقترب… مهما طال تأجيلها.
