Mehdi Bensaid: When “Institutional Restructuring” Becomes a Linguistic Shield for a Tailor-Made Post
لم يكن النقاش الذي تفجّر داخل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي مجرّد ضجة عابرة.
بدا منذ اللحظة الأولى وكأنه اختبار حقيقي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، واختبار أكبر لمنطق “المباراة العمومية” حين تلتقي السلطة بالمصلحة.
الوزير المهدي بنسعيد قدّم تفسيره: المؤسسة غيّرت وضعيتها القانونية وأصبحت خاضعة للقانون 00-01، وبالتالي فالمباراة طبيعية.
لكن هذا التبرير، الذي قُدّم بثقة، بدا للكثيرين أقرب إلى تغليف لغوي منه إلى تفسير مؤسساتي.
الوزير السابق للتعليم العالي خالد الصمدي لم يُجامل. كتب بلغة واضحة وبهدوء رجل يعرف خبايا القطاع:
“هذا التفسير لا يغير شيئاً… بل يزيد المسألة غموضاً.”
فإذا كانت المؤسسة فعلاً بصدد تغيير وضعيتها، فهذا يعني قانوناً فتح مناصب “تغيير الإطار” أمام جميع الأساتذة، وليس منصباً واحداً تفوز به المديرة نفسها. المسألة هنا ليست في الأشخاص، بل في المسطرة:
هل نغيّر وضعية مؤسسة بكاملها… فقط ليظهر منصب واحد يناسب شخصاً واحداً؟
ثم يأتي البرلمان ليضيف طبقة أخرى من الأسئلة.
النائبة ثورية عفيف لم تتردد في القول بأن ما حدث يشبه تضارب المصالح، وذكّرت بأن المديرة ناقشت أطروحتها بعد إعلان نتائج المباراة. في دول أخرى، هذا يكفي لإلغاء المباراة بلا نقاش، وإحالة الملف إلى جهة مستقلة.
لكن السياق هنا مختلف.
في حكومة تتراكم حولها ملفات تضارب المصالح بوتيرة مثيرة للقلق، لم يعد السؤال: هل سيُفتح تحقيق؟
بل أصبح: كم سيمضي من الوقت قبل أن يُطوى هذا الملف كما طُويت قبله ملفات كثيرة؟
وليس الهدف من المقارنة جلد الذات، بل توضيح الفارق في طريقة اشتغال المؤسسات:
فرنسا: التحقيق يُفتح أوتوماتيكياً، وقد يُوقَف المسؤول في اليوم نفسه.
كندا: وزير يمكن أن يغادر الحكومة في ظرف يومين بعد تقرير مفوض النزاهة.
بريطانيا: مباراة داخل مؤسسة يرأسها مترشح لها تُلغى قبل حتى النظر في الأسماء.
الفرق هناك بسيط لكنه جوهري: المسطرة أقوى من الأشخاص.
بينما هنا… غالباً ما تبدو المسطرة مرنة بقدر ما يسمح به صاحب القرار.
لهذا لم يعد السؤال في المغرب: من فاز؟
بل: هل كانت المباراة أصلاً مباراة، أم قراراً جاهزاً يبحث فقط عن غطاء قانوني؟
ومهما حاولت الوزارة تقديم تفسيرات، سيظلّ هذا الملف نموذجاً لطريقة اشتغال تُختصر في عبارة يقولها الناس ببساطة جارحة:
“المنصب كيتفصّل قبل القانون.”
