Baitas vs Bouanou: When the Government’s “Path of Achievements” Sounds More Like a Political Counter-Argument
لم يكن حضور مصطفى بايتاس في المحطة السابعة من جولة “مسار الإنجازات” مجرد نشاط تواصلي عادي. بدا الرجل وكأنه جاء ليقدّم رواية مضادة لخطاب عبد الله بوانو، بعدما اعتبر ما قاله هذا الأخير عن شركة صيدلانية “مغالطات” تُجتزأ من سياق زمني أوسع يمتد إلى 2014.
لكن خلف هذا السجال، يبرز سؤال أكبر: هل يتعلق الأمر بالدفاع عن شفافية حكومية؟ أم بتصحيح صورة تتعرض لضغط أسئلة البرلمان والرأي العام؟
بايتاس أكد أن الحكومة اختارت عرض مرسوم الصفقات العمومية الجديد على البرلمان بدل تمريره مباشرة، كدليل على “منهجية تشاركية” لمحاربة الفساد. غير أن هذا التوجه، مهما بدت لغته مطمئنة، يبقى محاطاً بشبهات تتعلق بملفات حساسة، خصوصاً في قطاع الصحة حيث تكررت نقاط الاستفهام حول الصفقات والتوريدات والأدوية. فالإشادة بالشفافية شيء، والبرهنة عليها في الميدان شيء آخر تماماً.
وفي حديثه عن الدولة الاجتماعية، قال بايتاس إن ما كان “حلماً سياسياً” أصبح واقعاً ملموساً. غير أن المواطن العادي لا يقيس الأحلام ولا الخطابات، بل يقيس قدرته الشرائية، وفاتورة الماء والكهرباء، وأسعار الخدمات، وحجم الضغط الذي يعيشه يومياً. وهنا تبدو الهوة واضحة بين اللغة الرسمية والواقع الاجتماعي.
وبخصوص التعليم والصحة والتشغيل، تحدث بايتاس بثقة عن استثمارات كبيرة ومشاريع طموحة، لكن المؤشرات الملموسة لا تزال بعيدة عن الإقناع: مدارس تفتقر إلى الموارد، منظومة صحية مثقلة بالخصاص، وبرامج تشغيل لا تتجاوز في كثير من الأحيان عقوداً محدودة الأجر والأفق. وحتى برنامج تكوين 100 ألف متدرب سنوياً يثير التساؤل حول جودة التكوين ومدى ملاءمته لسوق يعجز أصلاً عن استيعاب الخريجين.
وفي جهة الدار البيضاء–سطات، أشار القيادي التجمعي إلى مشاريع التهيئة والنقل وتخصيص مساحات اقتصادية ولوجستية وتحويل مطرح النفايات إلى فضاء أخضر. لكن سكان البيضاء يعرفون الوجه الآخر: اختناق مروري شبه يومي، أحياء لا يصلها الإصلاح إلا متقطعاً، ومشاريع تنطلق بسرعة في الورق ثم تتباطأ على الأرض.
أما في ما يتعلق بالفساد، فقد شدد بايتاس على المحاسبة والشفافية. ومع ذلك، يظل السؤال معلقاً: كيف يمكن طمأنة الرأي العام بينما تعود ملفات الصفقات الصحية إلى الواجهة كلما تحدث البرلمان، وتظهر أسماء شركات تشتغل منذ أكثر من عقد في علاقة ملتبسة بين المركز والمؤسسات التابعة له؟
في النهاية، نحن أمام روايتين: رواية حكومية تضع الإنجازات في الواجهة، ورواية برلمانية تشير إلى ثغرات في المنهجية. وبينهما يقف المواطن، الذي لا يكترث كثيراً للجدل السياسي بقدر ما يبحث عن نتيجة ملموسة في حياته اليومية.
وإلى أن تتحول لغة الطمأنة إلى آثار واقعية، سيظل السؤال مفتوحاً: هل الجولات الجهوية كافية لتبريد الأسئلة الساخنة حول تدبير الصفقات العمومية؟
