Salé Under Electric Shock: From Public Bills to Private Profits

عن تحقيق الصحافي عبد الوفي العلام – قناة ريحانة بريس (11 يونيو 2024)

من جيوب دافعي الضرائب، من عرق ساكنة سلا، كانت تُؤدّى فواتير الماء والكهرباء لمشروع خاصٍّ يملكه رجلٌ جمع بين السلطة والاستثمار في المدينة نفسها.
التحقيق الذي بثّته قناة ريحانة بريس، أعاد إلى الواجهة واحدة من أكثر الحكايات جرأة في علاقة المال بالسياسة: قرية الفنون المغربية، المشروع الذي لمع بريقه في عهد رئيسٍ سابقٍ لجماعة سلا، يشغل اليوم مقعداً برلمانياً.

الوثائق التي استند إليها التحقيق تُظهر أن الجماعة كانت تُؤدّي طيلة سنوات فواتير الماء والكهرباء الخاصة بالمشروع، في وقتٍ كان فيه المواطن العادي يئنّ تحت وطأة الفواتير الشهرية.
كل شيء تمّ باسم “التنمية المحلية”، لكنّ المحصلة كانت واضحة: المال العام يضيء مشاريع خاصة.

في التسعينات، تمّ توقيع عقد كراءٍ طويل الأمد بين عمالة سلا وشركة خاصة يمثلها المستثمر ذاته، يمنحها حق استغلال قطعة أرضية تتجاوز 2500 متر مربع داخل “مركب الفخارة”.
ومع مرور الوقت، توسّعت المساحة وتضاعفت الامتيازات، بينما ظلّ الثمن نفسه.
عقدٌ يتمدد بالسلطة أكثر مما يتمدد بالقانون.

في تلك الفترة، لم تكن “قرية الفنون” سوى واجهة لمشروعٍ اقتصاديٍّ طموحٍ سيصبح لاحقًا نموذجًا للنفوذ المتقاطع بين المال والسياسة.
وعندما تولّى صاحب المشروع رئاسة الجماعة، تحوّل الاستثمار إلى إدارةٍ بالموازاة، وصارت موارد المدينة تُسخّر لخدمة مشروعٍ خاصٍّ تحت غطاء “العمل الجماعي”.

التحقيق الذي أُنجز سنة 2024 أشار إلى أن شكاية وُجّهت في ذلك الوقت إلى الوكيل العام للملك، مرفقة بالوثائق والعقود الأصلية، تتحدث عن “تجاوزاتٍ في العقود والمساحات، واستغلالٍ غير مشروع للمرافق العمومية”.
نسخٌ من الشكاية أُرسلت إلى وزارة الداخلية، وزارة العدل، المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة للإدارة الترابية، لكنها ضاعت بين دهاليز المكاتب ومصالح النفوذ.

المدينة التي كانت تصنع الفخار، أصبحت تصنع الصفقات.
والتي كانت تبيع الحرفة، صارت تشتري الفواتير.
الماء الذي روى المشروع كان من ميزانية الجماعة، والكهرباء التي أنارت قاعات العرض كانت على حساب ساكنة سلا.

تخيّلوا فقط كم من فاتورة خرجت من خزينة المدينة لتُغذّي مشروعاً واحداً!
تخيّلوا أن كلّ درهمٍ دُفع باسم التنمية، كان يمرّ في حساب النفوذ.

سلا، المدينة التي كانت رمزاً للفنّ التقليدي، وجدت نفسها في قلب لوحةٍ من الفساد العصري.
مدينةٌ دفعت الثمن مرتين: مرةً بالفواتير، ومرةً بالصمت.

وفي انتظار الحلقة الثالثة من “زواج المال بالسلطة”، يبقى السؤال معلقاً على الأسلاك المكهربة للذاكرة:
من الذي أطفأ نور المدينة… وأضاء مشاريعه بمالها؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version