Lekjaa… From Finance to the Stadium to an Institution Without Oversight

تتّسع الأسئلة داخل الأوساط السياسية والحقوقية بشأن نموذج جديد من تركز السلطة في المغرب؛ نموذج لا يعتمد فقط على المواقع الرسمية، بل على قدرة استثنائية على تشكيل المؤسسات وتعديل القوانين ورسم المسارات المالية الكبرى دون المرور من القنوات الرقابية التقليدية.

وفي مركز هذا النموذج يقف اسم فوزي لقجع، الرجل الذي انتقل من إدارة الميزانية إلى رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم، وصولاً إلى قيادة مؤسسة “المغرب 2030” التي باتت تمسك بمفاتيح المشاريع الأكثر حساسية في تاريخ البلاد الحديث.

في دول أخرى، حين يجتمع النفوذ المالي والرياضي والمؤسسي في يد شخص واحد، تتحرك لجان التحقيق البرلمانية فوراً، وتُثار قضايا تضارب المصالح، ويُفتح نقاش عمومي واسع حول حدود السلطة وآليات المحاسبة. لكن في السياق المغربي، يمرّ كل ذلك بنعومة لافتة، وكأن النظام القانوني صُمِّم ليُسند الأدوار نفسها للفاعل نفسه، بلا سؤال ولا تدقيق ولا رقابة حقيقية.

كشفت مصادر إعلامية، موقع نيشان، أن مؤسسة “المغرب 2030” التي قُدمت رسمياً كهيئة مستقلة، مسجّلة في المكتب المغربي للملكية الفكرية والتجارية باسم “الجامعة الملكية لكرة القدم” وليس باسم المؤسسة كما ينصّ القانون 35.25.
وهذا ليس تفصيلاً تقنياً أو خطأً إدارياً بسيطاً، بل عنصر ينسف من الأساس فكرة الاستقلالية التي بُني عليها الخطاب الرسمي.

فكيف يمكن لمؤسسة تُعرّف نفسها ككيان مستقل أن تكون مملوكة لهيئة يرأسها الشخص ذاته الذي يقودها اليوم؟ وكيف يمكن لمنظومة تدّعي الشفافية أن تسمح بهذا التضارب دون تفسير أو مساءلة أو حتى بلاغ رسمي يوضح الأمر؟

في دول تحترم قواعد الحكامة، مثل هذا الوضع كافٍ لفتح جلسات استماع عاجلة، أو لتجميد الصلاحيات مؤقتاً إلى حين تصفية الوضع القانوني. أمّا في المغرب، فالصمت سيد المشهد، وكأن الأمور تسير وفق منطق: “دعوا العرّاب يعمل… ولا تسألوا كثيراً.”

مفهوم “العرّاب” ليس توصيفاً محلياً، بل مصطلح سياسي عالمي يُستعمل عندما يمتلك شخص واحد قدرة استثنائية على الربط بين المال والمؤسسات والقوانين، ويوجه المشاريع الكبرى من خلف الستار، ويصنع القرار أكثر مما ينفذه.

وبالنظر إلى المسار الذي صنعه لقجع خلال السنوات الأخيرة، يبدو هذا الوصف الأقرب إلى تفسير ما يجري.

لكن التفاصيل تصبح أكثر إثارة حين نصل إلى الرقابة المالية. فالقانون 69.00، الذي يُفترض أن يُطبق على جميع المؤسسات العمومية، تم تجاوزه كلياً.

وتم إخضاع “المغرب 2030” لرقابة خاصة بموجب المادة 15 من القانون 35.25، اعتماداً على اتفاق تعاقدي غير منشور بين الدولة والمؤسسة. اتفاق لم يُعرض على البرلمان، ولم يُنشر للعموم، ولا يعرف أحد حدوده أو مداه أو آليات تنفيذه أو حتى الجهة التي صاغته.

أي مؤسسة في العالم تُمنح صلاحيات بهذا الحجم من دون رقابة برلمانية واضحة، ومن دون نشر تفاصيل الرقابة، ومن دون استقلالية قانونية فعلية، تصبح مؤسسة فوق الدولة لا داخلها، ليس لأن القانون يمنحها ذلك، بل لأن غياب الشفافية يسمح لهذا الوضع أن يتجذر.

وهذا ليس نقداً موجهاً لشخص، بل سؤال جوهري موجّه للبنية كلها:
كيف يمكن لبلد يطمح لاستضافة العالم سنة 2030، أن يقدم مؤسسة بهذا الحجم دون أن يخضعها لأبسط قواعد الشفافية؟ وكيف يمكن إقناع المواطنين بأن الأمور سليمة، بينما الوثائق تشير إلى تسجيل بملكية مختلفة، ورقابة غامضة، وصلاحيات غير محدودة، ومسار قانوني لا يشبه ما يُقال في الخطاب الرسمي؟

لو كانت هذه الوقائع في بلد أوروبي، لكان البرلمان أول من يدخل على الخط.
ولو كانت في أمريكا اللاتينية، لكانت الصحافة الاستقصائية أول من يفجّر الملف.
ولو كانت في إفريقيا جنوب الصحراء، لتحركت لجان الرقابة مباشرة.
ولو كانت في دولة آسيوية صاعدة، لكان تدقيق الحسابات يبدأ قبل أي مشروع.

المغرب يستحق الشفافية التي تليق بدولة تقول إنها تتجه نحو المستقبل.
ويستحق أن يعرف من يقرر، ومن يراقب، ومن يمسك بالخيوط في أكبر مشروع وطني منذ الاستقلال.

والأسئلة التي تخرج اليوم ليست نابعة من تشكيك، بل من حقّ بسيط:
حق المواطنين في معرفة كيف تُدار مؤسساتهم، وكيف تُصرف أموالهم، ومن يصنع مستقبل دولتهم.

وإلى أن تأتي الإجابات، يظل السؤال معلقاً:
هل نحن أمام مؤسسة وطنية فعلاً… أم أمام نموذج جديد من السلطة أكبر من الرقابة وأوسع من القانون؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version