Who Dares to Open the Files of the Royal Moroccan Football Federation?
Hidden Governance and the Missing Oversight in Morocco’s Football Projects
يشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة حركة غير مسبوقة في ورش البنيات الرياضية.
ملاعب تُهدم وأخرى تُشيد، أرقام مالية ضخمة تُعلن بوتيرة سريعة، وخطاب رسمي يؤكد أن البلاد تتجه نحو مرحلة رياضية تاريخية استعداداً لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
لكن خلف هذا الزخم، يطفو سؤال واحد يفرض نفسه بإلحاح: أين هي الرقابة؟ ومن يتابع فعلياً الطريق التي تسلكها هذه المليارات؟
الجامعة الملكية لكرة القدم لم تعد، كما كانت، مؤسسة تُدير الفرق الوطنية وتنظّم البطولات وحسب. فقد انتقل دورها، بهدوء ثم بوضوح، من اتحاد رياضي إلى ما يشبه جهازاً تنفيذياً موازياً، يتحكم في مسارات مشاريع عمومية معقدة، ويعلن عن أوراش هندسية ومالية ضخمة لا تدخل أصلاً ضمن اختصاص اتحادات كرة القدم.
هذا التحول جعل من الجامعة كياناً يتحرك فوق سقف الرقابة، وداخل منطقة رمادية تستفيد من المال العام دون أن تخضع لنفس المعايير التي تُلزم القطاعات الحكومية.
ومع توسع صلاحيات الجامعة، اتسعت أيضاً «الفجوة الرقابية». الأشغال تتقدم، لكن التقارير التفصيلية غائبة.
المشاريع تُنفذ، لكن جلسات المساءلة نادرة. الميزانيات تُصرف، لكن البرلمان والمجلس الأعلى للحسابات لا يملكان الصورة الكاملة.
وهكذا يتشكل وضع غير متوازن: مشاريع عمومية عملاقة… بدون رقابة عمومية موازية.
وسط هذا السياق، ظهرت شخصية رمزية يمكن وصفها مجازاً بـ Traiteur؛ ليست اسماً لشخص بعينه، بل رمزاً لطريقة تدبير تُحرّك القرار من الخلف، وتنسّق بين مؤسسات متعددة، وتحدد مواعيد المشاريع واتجاهاتها.
وجود Traiteur يعني ببساطة أن جزءاً من القرار يُصنع خارج المساطر التقليدية، وفي دوائر ضيقة لا تمر دائماً عبر الرقابة.
ثم جاءت “مؤسسة المغرب 2030” لتضيف طبقة جديدة من التعقيد. فهي مؤسسة فوق وزارية، بسلطات واسعة وميزانيات ضخمة، تتولى الإشراف على تجهيز البلاد للمونديال، دون أن تخضع عملياً للمساءلة البرلمانية.
وهكذا يجد المغرب نفسه أمام جهاز سريع الحركة، لكنه يعمل داخل بيئة ينخفض فيها مستوى الشفافية إلى حدّ يجعل السؤال حول “من يراقب من؟” أكثر من ضروري.
خطورة غياب الرقابة لا تظهر فقط في الوثائق، بل في التفاصيل الصغيرة التي لا يمكن إخفاؤها. أول اختبار جاء من السماء.
ومع أولى زخات المطر ظهرت تسربات وعيوب واضحة في بعض الملاعب التي كانت جزءاً من مشاريع “النهضة”. خلل بسيط على السطح، لكنه عميق في دلالته: شيء ما لم يُنجَز كما يجب، أو لم يُراقَب كما يجب.
وفي أي دولة تعتمد المعايير الصارمة، مثل هذا الخلل يفتح تحقيقاً تلقائياً.
في المغرب، يتحول الخبر إلى فقرة قصيرة سرعان ما تُنسى، لأن الرقابة ليست جزءاً من الإيقاع اليومي للمشاريع.
الأخطر أن الجامعة باتت تُشرف على ملفات تتجاوز بكثير اختصاصها الأصلي:
صفقات هندسية، دراسات تقنية، تتبع ميزانيات ضخمة… وهي مهام تُسند عادة لوزارات التجهيز أو لهيئات الاستثمار العمومي.
هذا التداخل يجعل خط المسؤولية غير واضح، ويجعل الأخطاء خارج نطاق التحقيق الفعلي، لأن المسار القانوني نفسه غير مضبوط بما يكفي.
ومع متابعة مسار الأوراش، يظهر أن السرعة صارت الهدف الأول. سرعة الإعلان، سرعة الإنجاز، وسرعة تقديم الوعود.
لكن السرعة وحدها ليست معياراً للجودة ولا للحكامة.
والنجاح الرياضي لا تصنعه الملاعب اللامعة، بل تصنعه الثقة في طريقة تدبير المال والقرارات.
المغرب يريد اليوم أن يقدم نفسه كنموذج رياضي جديد.
لكن النموذج الحقيقي لا يُبنى فقط بالملاعب الجديدة، بل يُبنى أيضاً بمنظومة رقابة قوية، شفافة، مستقلة، قادرة على مرافقة المشاريع الضخمة وإسنادها.
وفي النهاية، يظل السؤال مفتوحاً:
إذا كانت الجامعة الملكية لكرة القدم تُدير مشاريع تفوق اختصاصها، فمن يملك الشجاعة لفتح دفاترها؟
وإذا كان Traiteur يدير المسارات من الخلف، فمن يراقب هذا المطبخ المغلق الذي يُعد فيه مستقبل المغرب؟
وإلى أن يأتي ذلك اليوم، سيبقى المطر وليس الخطاب هو أول جهاز رقابة في البلاد.
فما لا تُراجعه المؤسسات… يراجعه الزمن.
وما لا يظهر في التقارير… يكشفه أول اختبار بسيط.
