Between Reform Rhetoric and the Weight of Reality: A Deliberate Reading of Mustapha Baitas’ Statements on Health and Livestock Support

لم تكن تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب المجلس الحكومي اليوم الخميس، مجرّد استعادة لصياغة مألوفة حول ورش “الدولة الاجتماعية”، بل شكّلت محطة تستحق التوقّف والتحليل في سياق نقاش وطني يتّسع يوماً بعد آخر: كيف يمكن لإصلاح المنظومة الصحية أن يتقدّم في بيئة راكمت اختلالات بنيوية على امتداد عقود؟

قدّم بايتاس عرضاً متفائلاً لمسار الإصلاح، مرتكزاً على ثلاثة أعمدة رئيسية:
تأهيل البنيات التحتية الصحية، توسيع قاعدة الموارد البشرية، والرفع الاستثنائي للميزانية منذ سنة 2021.
وحسب عرضه، تعرف المراكز الصحية “دينامية توسّع ملحوظة”، بينما تتّجه المستشفيات الجامعية نحو حضور جهوي شامل، في سياق تراهن فيه الحكومة على مضاعفة عدد الأطباء والمهنيين لتقليص الخصاص التاريخي.

لكن هذا الخطاب، على تماسّه الواضح مع الأرقام، يفتح الباب أمام سؤال أبعد مدى:
هل سيتحوّل هذا الجهد المالي والتنظيمي فعلاً إلى جودة خدمات ملموسة داخل قاعة فحص أو قسم مستعجلات؟
فالتجارب المقارنة تُظهر أن الموارد، مهما تضاعفت، لا تكفي وحدها ما لم تُرافقها حكامة تُحوِّل الاستثمار إلى كفاءة، وتنسيق، وانسيابية عبر مختلف مراحل العلاج.

وتُظهر المعطيات الحكومية أن ورش الإصلاح يواجه تحديات متداخلة:
ندرة الأطر، تعقّد المساطر التدبيرية، هشاشة البنيات في العالم القروي، والضغط المتزايد على المراكز الاستشفائية داخل المدن الكبرى. ومع أن الحكومة تتحدث عن نتائج ستظهر “في الأفق المنظور”، يبقى زمن الإصلاح أطول من زمن الوعود، وأثقل من الاستدلال الرقمي وحده.

أما بخصوص برنامج دعم إعادة تشكيل القطيع الوطني، فقد قدّم بايتاس أرقاماً لافتة:
756 ألف مربي للماشية استفادوا إلى حدود يوم الأربعاء، أي 77% من مجموع المسجّلين، بإجمالي دعم بلغ 3,172 مليار درهم.
ورغم أن هذه الأرقام تعكس تقدّماً سريعاً في التنفيذ، إلا أنها تطرح سؤال الاستدامة:
هل ستنجح هذه التدخلات الظرفية في ترميم دورة إنتاجية هشّة وتأمين استقرار طويل الأمد في قطاع تأثر خلال السنوات الأخيرة بجفاف استثنائي وتقلبات اقتصادية حادة؟

فالقضية هنا لا تتعلق بحجم الدعم، بل بقدرته على إحداث تحول بنيوي في السوق وفي وضعية المربين الصغار. وكما في الصحة، كذلك في الفلاحة: تُقاس فعالية السياسات العمومية بما تُحدثه من أثر فعلي، لا بما يُعلن من غلاف مالي.

وفي المحصلة، تبدو تصريحات بايتاس جزءاً من محاولة لإعادة صياغة خطاب الإصلاح داخل الحكومة، خطاب يجمع بين التطمين وإبراز الجهد، لكنه لا يزال في حاجة إلى مزيد من المكاشفة، وإلى تفصيل أدق حول كيفية انتقال الإصلاح من خانة البرامج إلى خانة النتائج.
فالتحديات القائمة سواء في الصحة أو في الفلاحة ليست تحديات إعلان، بل تحديات تنفيذ وفعالية، تنتظر برهاناً عملياً على قدرة السياسات العمومية على تحويل الوثائق إلى واقع، والوعود إلى أثر يلمسه المواطن في يومياته.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version