حنا ما لقيناش ما نشربو… سيمانة كاملة وأنا ما كندوش!” هكذا بدا الشاب من دوار غرص علي، جماعة الحاج محمد، كيشكي بحرقة كبيرة لقناة العمق، وهو كيهضر باسم ساكنة كلها واقفة على شفا العطش.

الدوار فيه تقريباً بين 250 حتى 400 دار، ما كاين غير سقايه وحدة، وبعيدة على السكان. الناس كيتزاحمو فيها نهار كامل، وكاين اللي كيرجع خاوي. الماء كيجي مرة فالسيمانة، واللي ما لحقش، يلا بغا يشرب، خاصو يبات الليل كامل كيتسنى.

“كنجي نعمر، كاين اللي يلحق، كاين اللي ما يلحقش… كاين اللي كيرجع للدار بلا قطرة. شحال من واحد عندو البهائم، الدراري الصغار، الشيوخ، وما كيلقاش باش يسقيهم. واش معقول؟” هكذا كمل الشاب كلامو، بنبرة كلها غضب وحسرة.

الناس ديال الدوار ما طالبوش بطرقات ولا ملاعب ولا مشاريع كبرى، طالبو بأبسط حق: الماء الصالح للشرب.

“سيمانة ما كندوش، ما كاين لا شرب لا غسيل، ما عندناش كيفاش نصيبو الماكلة، المواشي كتموت بالعطش، والناس كبار وصغار كيعانيو. شحال من مرة مشينا للقيادة، للجماعة، للباشا، للعامل، دوزنا شكايات، والو!”

المسؤولين كيجيو يصرحو للإعلام: “الصور مفبركة، الماء كاين، درنا الحل”، ولكن الحقيقة فالدواوير ما كترحمش: “الماء مقطوع، السقايه وحدة، وما كافياش حتى لعشر السكان!”

الشاب زاد قال: “دابا كيجي الماء مرة في السيمانة، والدوار كامل كيتجمع، الزحام، الخصام، الناس كيبقاو كيتخاصمو على شوية ماء. كاين اللي كيدوز ليلتو كلها مستني، وفي الأخير ما يعمرش. شحال من مرة مشينا وقلنا لهم زيدو لينا سقايات، قالو لينا دوزو طلب، دوزنا طلبات من عشر سنين، شكون سمعنا؟!”

الدوار كان فيه جوج سقايات، ولكن دابا بقات غير وحدة، وحتى هاديك حاطينها خارج الدوار. “فين هاد دفتر التحملات اللي هضرو عليه؟ شكون كيتحاسب؟”، كيطرح الشاب أسئلة بصوت كل واحد ساكن فهذ المنطقة.

هاد الناس ما بقاوش كيتسناو طريق، ولا قنطرة، ولا مشروع تهيئة، هاد الناس بغاو يشربو، يعيشو بكرامة، يحسو براسهم بشر فبلادهم.

“راه كاين اللي ما عندوش بير، كاين اللي خاصو يقطع كيلومترات باش يجيب جغلة ديال الماء. كاين اللي كيسيفط ولادو صغار، وما كيرجعوش حتى مع الليل، وما يلقاوش حتى شوية. شحال من مرة شريت الماء، شحال من مرة رجعت خاوي. واش هادشي معقول؟”

الناس هنا معولين يوصلو صوتهم للملك، للمسؤولين، لكل واحد باقي فيه شي دم، يقول الشاب: “الله يجازيكم بخير، شوفو فينا، راه ما طالبين والو، غير الماء… عطونا الماء، بغينا نعيشو!”

بين وعود ما كتساليش وتصريحات ما كتشرب حد، ساكنة غرص علي اليوم كتعيش واقع مرّ: عطش، قهر، تهميش، وصبر طال بزاف.

الدوار كله كيردد هاد الجملة البسيطة:
“عطونا الماء… راه كرامتنا غرقات قبل ما يغرق الدوار!”

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version