ليست الانتخابات في المغرب مجرّد موعد دوري مع الصناديق، بل تحوّلت، في نظر جزء كبير من المواطنين، إلى موسم عابر أشبه بموسم تجاري.

المواطن البسيط، الذي أُنهك بالفقر والتهميش والأمية، يجد نفسه أمام أحزاب ترفع شعارات متناقضة؛ أحد أبنائه يترشح بلون “الجرّار”، ابنته بلون “الحمامة”، فيما هو نفسه يطبخ على إيقاع “الميزان”، ويصوّت أخيراً على “المصباح”.

هذه المفارقة تكشف حجم الارتباك الذي يطبع المشهد السياسي، وتفضح هشاشة الرابط بين المجتمع ومؤسساته التمثيلية.

منيب لم تُخفِ قناعتها بأننا أمام حكومة ضعيفة، يقودها رئيس ضعيف، وأن المشكل أعمق من مجرد انتخابات دورية.

فالمغاربة يعيشون اليوم تحت وطأة ثلاثية قاتلة: الفقر، التجهيل، والتهميش. كيف يُطلب من مواطن يعاني الأمية (47% من النساء و27% من الرجال) أن يختار عن وعي؟ كيف نقنعه بأن صوته يُترجم إلى سيادة شعبية، في حين أن الواقع يصرخ بالعكس؟

الخطورة ـ بحسب منيب ـ ليست في نسب المشاركة فقط، بل في “الأمية السياسية” التي جعلت الانتخابات أشبه بمسرحية معروفة النهايات.

الكفاءات التي يُفترض أن تكون في صلب العمل الحزبي تُستبدل بمرشحين عابرين، يُصبغون بلون حزبي عند الحاجة.

أما التمويل، والإعلام، وتكافؤ الفرص، فلا تزال رهينة منطق الريع والانتقائية، مما يفرغ العملية السياسية من مضمونها.

وتذهب منيب أبعد من ذلك حين تشير إلى الارتباط المقلق بين السياسة والمال والأعمال، حيث تحضر المصالح العائلية والشخصية أكثر مما تحضر الكفاءة والخبرة.

هنا يصبح الحديث عن “الميثاق الأخلاقي” أو “مواثيق الشرف” مجرد شعارات، سرعان ما تتبخر أمام منطق الغلبة والمحسوبية.

وفي معرض انتقادها، توقفت عند المقترحات التقنية التي يمكن أن تعيد شيئاً من الثقة: التصويت بالبطاقة الوطنية، وجود كاميرات في مكاتب الاقتراع، هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات بدل وزارة الداخلية، إعلان النتائج مكتباً بمكتب لضمان الشفافية.

لكن حتى هذه الإجراءات، إن لم تقترن بمحاربة فعلية للفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، فلن تغيّر شيئاً.

الأخطر من ذلك، تضيف منيب، هو الارتهان المتزايد لتوصيات المؤسسات المالية الدولية، التي تدفع في اتجاه الخوصصة والتفكيك، من الصحة إلى التعليم، ومن السكن إلى الفلاحة.

وهكذا يجد المواطن نفسه محاصراً بين حكومة تفتقد الرؤية، وأحزاب فقدت المصداقية، ومؤسسات مالية تُملي سياسات تضرب في العمق العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية.

ولذلك، فإن ما تطرحه منيب ليس مجرد انتقاد، بل دعوة صريحة إلى “حكومة إنقاذ وطني”، عمادها الكفاءات الحقيقية ذات الحس الوطني، القادرة على وضع سياسات بديلة تُعيد الثقة للمغاربة، وتضع حداً للفساد والزبونية.

فبدون ثورة ثقافية تنويرية، وبدون إعادة الاعتبار لقيمة الإنسان وحقه في الاختيار الحر، سيظل العزوف سيد الموقف، وستظل الديمقراطية مجرد واجهة شكلية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version