في واقعة هزّت سكان دوار تكاديرت، جماعة وقيادة آسني بإقليم الحوز، أقدم القائد وخليفته رفقة عدد من أعوان السلطة على اقتحام منزل تاريخي يزيد عمره عن 400 سنة، في غياب مالكه، ودون أي إذن قضائي أو موافقة النيابة العامة، في خطوة وصفت بأنها اعتداء مباشر على حرمة المساكن وخرق واضح للمقتضيات الدستورية والقانونية المغربية.
وبحسب إفادة مالك المنزل، فقد تم كسر الأبواب الرئيسية وتخريب ممتلكات شخصية، إضافة إلى تفتيش غرف النوم وإتلاف معدات كهربائية، في ما اعتبره استغلالًا متعمدًا لغيابه بغرض تحقيق مصالح شخصية. وأكد المتضرر أن الحادثة تمثل تعديًا على إرث معماري وثقافي فريد من نوعه، وتمس كرامته وحقوقه كمواطن.
كما تجدر الإشارة إلى أن المواطن إبراهيم إ مليل
متضرران من الزلزال الأخير في المنطقة، ورغم امتلاكهما شهادة سكنى وشهادة إدارية تثبت الضرر الذي لحق بمنازلهما، يرفض القائد الاعتراف بضررهما، ما يعكس تجاهلاً صارخًا للحقوق الدستورية والقانونية للمتضررين.
المادة 24 من الدستور المغربي تكفل حماية حرمة المساكن، فيما تنص المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية على ضرورة الحصول على إذن مكتوب من صاحب المسكن أو إذن قضائي قبل أي عملية تفتيش أو حجز، لكن هذه المقتضيات تم تجاهلها بالكامل في هذه الواقعة.
ورغم تقديم المالك لشكاية رسمية إلى النائب الأول للسيد الوكيل العام للملك منذ أكثر من شهرين، لم يتم الرد على شكواه، ما يثير تساؤلات حول فعالية المساطر القانونية في حماية المواطنين من مثل هذه التجاوزات.
البعد القانوني للانتهاك
انتهاك حرمة المسكن ليس مجرد تجاوز إداري، بل يشكل جريمة جنائية واضحة يعاقب عليها القانون المغربي، حيث نصت المادة 450 من القانون الجنائي على أن “كل اعتداء على حرمة منزل الغير، بدون إذن قانوني، يعرض مرتكبه للعقوبة بالحبس والغرامة”. كما يمكن للمتضرر المطالبة بتعويض مدني عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به.
إلى جانب ذلك، يُعد هذا الفعل خرقًا صريحًا للحقوق الدستورية التي يكفلها القانون الأساسي المغربي، بما في ذلك الحق في الحياة الخاصة، وحرمة المنزل، وحق الملكية. كما أن تصرفات المسؤولين العموميين بهذه الطريقة تُثير تساؤلات حول مدى التزام السلطة بمبدأ سيادة القانون وضرورة مساءلة المسؤولين عن تجاوزاتهم، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمتضررين من الزلازل والكوارث الطبيعية مثل إبراهيم إبنيل والعورقم.
الآثار الحقوقية والاجتماعية
هذا النوع من الانتهاكات له آثار واسعة تتجاوز الفرد المتضرر، فهو يهدد الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويزرع شعورًا بانعدام الحماية القانونية، خصوصًا إذا لم يتم مساءلة مرتكبي الانتهاك. كما يرسل رسالة خطيرة للمجتمع بأن بعض المسؤولين يمكن أن يتجاوزوا القانون بحماية وظيفتهم، ما يقوض قيم العدالة والمساواة أمام القانون.
الخبراء الحقوقيون يؤكدون أن حماية حرمة المسكن وحقوق المتضررين من الكوارث الطبيعية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية، وأن أي تجاوز في هذا المجال يجب أن يواجه بمساءلة قضائية صارمة، لضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات وتأكيد الالتزام بالدستور والقانون.
توصيات حقوقية
- فتح تحقيق قضائي مستقل وعاجل لتحديد المسؤوليات وتطبيق العقوبات القانونية على كل من تورط في الحادثة.
- تعزيز الرقابة على أعمال السلطات المحلية لضمان احترام الحقوق الدستورية للمواطنين، بما يشمل الاعتراف بحقوق المتضررين من الزلازل والكوارث الطبيعية.
- رفع وعي المواطنين بحقوقهم القانونية والدستورية، وتشجيعهم على استخدام المساطر القانونية عند التعرض لأي انتهاك.
- حماية الإرث الثقافي والمعماري في المناطق التاريخية من أي اعتداء أو تخريب، مع ربط المسؤولية القانونية بالمؤسسات المكلفة بحماية التراث.
- ضمان استجابة النيابة العامة بسرعة وشفافية للشكايات المتعلقة بانتهاك حرمة المنازل أو أي حقوق دستورية أخرى، خاصة للمتضررين من الزلازل.
المتضرر يطالب بإعادة الاعتبار لحق الملكية الخاصة وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، مؤكدًا أن حماية الحقوق الدستورية والقانونية للمواطنين، بما في ذلك المتضررين من الكوارث الطبيعية، ليست رفاهية، بل قاعدة أساسية لدولة القانون والعدل.
