كشفت مصادر أن وزير الصحة انخرط في مشروع فندقي ضخم بمنطقة تاغزوت، إلى جانب مستثمر أجنبي وأحد شركائه، خلال فترة تحمله لمسؤولية حكومية، في خطوة تطرح علامات استفهام كثيرة حول حدود الشفافية ومفهوم تضارب المصالح في دولة تُفترض فيها سيادة القانون.

المشروع الفاخر، الذي يقع على قطعة من الملك الغابوي، كان موضوع نقطة في جدول أعمال جماعة تاغزوت، يوم 18 غشت، حيث جرى التهييء للمصادقة على تفويت مؤقت للعقار العمومي لفائدة الشركة التي يساهم فيها الوزير.

فهل تمت المصادقة فعلًا؟
وأكيد أنها ستتم… لأن “اللي فالديوان ما كيتسناش فالباب”.

حين يُقدم وزير داخل حكومة ترفع شعار “الدولة الاجتماعية” على الانخراط في مشروع استثماري خاص، يُستغل فيه النفوذ السياسي والولاء الحزبي من أجل تمرير صفقة فوق أرض مملوكة للدولة، فإننا لا نكون أمام اجتهاد اقتصادي، بل أمام إخلال صريح بمبدأ التحفظ، وتوظيف مباشر للسلطة في خدمة المصلحة الشخصية.

الوزير ينتمي لحزب يقود الحكومة، ورئيس الجماعة المعنية بالتصويت ينتمي للحزب نفسه، والقرار يمرّ عبر مسطرة “عادية”، لكنها مغطاة بثوب الولاء، لا بثوب المصلحة العامة.

وهنا يبرز السؤال الأهم:
أين الحكومة؟
وأين رئيسها الذي أقسم أن “كبار المستثمرين كيعرفهم”؟
هل يعلم اليوم أن بعض هؤلاء يجلسون إلى يمينه في المجلس الحكومي؟
وهل بات المنصب وسيلة لفتح المشاريع لا لتدبير السياسات العمومية؟

الصمت الحكومي لا يعني الحياد، بل هو مشاركة غير معلنة في هذا المنطق الخطير، حيث يُستغل القانون نفسه لتفويت أراضي الدولة لفائدة مشاريع نخبوية لا يستفيد منها المواطن، ولا تخدم التنمية المحلية، بل تخدم فقط التموقع في السوق.

إذا كان المواطن ينتظر مرفقًا صحيا أو مدرسة، فالمسؤول ينتظر فقط توقيع التفويت لإنجاز فندق فاخر يُطل على البحر.

والدولة التي تسمح بذلك، دون مساءلة ولا وقفة تأمل، تُعطي إشارات خاطئة لكل من يفكّر أن طريق الاستثمار يمر من بوابة الوزارة.

“اللي شد لقطيطس ما يخليهاش بلا ما يرضع”، يقول المثل الشعبي، وهذا ما يحصل حين يغيب الضمير، وتُصبح الوظيفة العمومية مجرد محطة في مسار الاغتناء.

إن الحكومة مسؤولة، ليس فقط لأنها لم تمنع، بل لأنها سمحت بالصمت، وأعطت الغطاء، واختارت أن تمرر رسائلها عبر البلاغات، وتُنفذ أجنداتها في المجالس المحلية.

فهل ستمر هذه المصادقة كما تمر غيرها؟
وهل ستبقى الحكومة تتفرج، بينما يتحول الملك العمومي إلى حقل خاص للاستثمار السياسي المقنع؟

هذا الملف أكبر من مشروع، إنه اختبار لحقيقة الدولة، لمصداقية القانون، ولنزاهة من في المسؤولية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version