صدر في آخر عدد للجريدة الرسمية قرار لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يقضي بالإنعام بوسام الشغل برسم سنة 2024 بمناسبة فاتح ماي 2025.
خطوة تبدو في ظاهرها احتفاءً بالوفاء المهني، لكنها في عمقها تطرح أسئلة صاخبة حول جدوى الرموز في ظل واقع اجتماعي مأزوم.
وسام الشغل، الذي أُحدث بمقتضى المرسوم الملكي الصادر سنة 1968، يضم ثلاث درجات: النجم الذهبي والفضي والبرونزي.
ويُمنح للأجراء في القطاع الخاص الذين قضوا أكثر من خمسة عشر عامًا في خدمة مقاولة واحدة. تكريمٌ يُفترض أن يكون اعترافًا بالجد والاجتهاد، غير أن السياق العام يجعل من هذا الوسام أقرب إلى “رشّة برّاق” على لوحة متصدعة.
كيف يمكن لوزارة الشغل أن تحتفي برمزية الوسام، في وقت تعترف فيه الأرقام الرسمية بأن آلاف الشباب يقبعون في صفوف البطالة؟ كيف يمكن لأجراء يشتغلون بعقود هشة وبأجور بالكاد تكفي لسد الرمق، أن يروا في النجمة الذهبية أو الفضية تعويضًا عن تحسين شروط العمل أو الحماية الاجتماعية؟
تبدو المفارقة واضحة: الدولة تمنح أوسمة اعترافية، لكنها تعجز عن ضمان الاستقرار المهني لملايين من العاملين في القطاع غير المهيكل. الوزارة تفتح باب الترشيحات لنيل وسام الشغل، لكنها تغلق أبواب الحوار الاجتماعي الجاد الذي يعالج ملفات الأجور، الضمان الاجتماعي، وظروف الشغل داخل المقاولات.
إن تكريم الأجراء عبر الأوسمة ليس في حد ذاته خطأ، لكنه يصبح عنوانًا للتناقض حين يُستعمل كستار يغطي واقعًا هشًا، أو كتعويض رمزي عن حقوق غائبة.
فالمواطن لا يطلب “نجمة برونزية” بقدر ما يطلب حدًا أدنى للأجر يليق بكرامته، وتأمينًا اجتماعيًا يحميه من هشاشة المرض والشيخوخة.
وفي النهاية، يظهر أن وسام الشغل هو مرآة تعكس خللًا أكبر: مشهد تُوزع فيه الأوسمة والرموز بكرم، بينما يظل الشغل الكريم نفسه نادرًا كالمعدن النفيس. تلك هي المفارقة التي تجعل من الاحتفاء الرسمي مناسبة للاعتراف، لكنها أيضًا مناسبة للنقد.