كشفت مصادر إعلامية أن الصورة المشرقة التي يقدمها “مرصد آجال الأداء” ليست سوى واجهة لواقع مختلف تماماً.
فالأرقام الرسمية تتحدث عن آجال لا تتجاوز 16 إلى 18 يوماً في تسديد الإدارات العمومية لمستحقات المقاولات، لكن ما يجري على الأرض يشي بعكس ذلك.
عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، أكد في تصريحات نقلتها المصادر ذاتها أن أكثر من 400 مليار درهم ما تزال عالقة في ذمة مقاولات عمومية وخاصة كبرى، وهو ما يشكل عملياً تمويلاً غير معلن يُنتزع من المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
النتيجة: 148 ألف مقاولة أفلست خلال الفترة الأخيرة، ثلثها مباشرة بسبب التأخر أو الامتناع عن الأداء، ومعها آلاف الأجراء وجدوا أنفسهم في متاهة البطالة.
الآجال المعلنة لا تبدأ في الواقع إلا بعد مسار طويل من البيروقراطية.
فالمقاول يُنجز عمله، وينتظر شهوراً حتى يحصل على وصل الاستلام الذي يسمح ببدء العدّ الرسمي.
وخلال هذه الفترة، يكون رأس ماله قد تجمّد والتزاماته قد تراكمت.
بعض المقاولات لم تتوصل بمستحقاتها إلا بعد سنة أو سنتين، بينما تلجأ مؤسسات أخرى إلى حيل إدارية، من قبيل طلب تغيير تاريخ الفاتورة لتمديد الأجل أكثر.
أما في القطاع الخاص، فإن الممارسات تبدو أكثر قسوة.
فالمقاولات الكبرى باتت تفرض آجالاً تصل إلى 120 يوماً على المناولين الصغار، رغم أن هذا الاستثناء القانوني خُصص لشركات ذات طابع موسمي أو ظرفي.
ومع مرور الوقت، تحول الاستثناء إلى قاعدة، وباتت العقود نفسها آلية لإعادة إنتاج الهشاشة.
القانون الجديد لآجال الأداء، الذي صُوّر كإصلاح لإنقاذ المقاولات، لا يرى فيه المهنيون سوى نص منحاز للباطرونا.
والأدهى أن المقاولات الصغرى والمتوسطة ليست ممثلة في “مرصد آجال الأداء” الذي يُصدر هذه الأرقام الرسمية، وكأنها غائبة عن تقرير مصيرها.
بهذا المعنى، لا يبدو الإفلاس مجرد نتيجة عرضية لتأخر الأداء، بل أقرب إلى سياسة عمومية صامتة.
نص قانوني يعطي الشرعية، ممارسات مالية تضاعف هشاشة الصغار، وأرقام رسمية تُقدَّم كدليل على الإصلاح بينما الواقع ينطق بالإفلاس.
وبين الواجهة البراقة والحقيقة المرة، يظل السؤال قائماً: من المستفيد من تكريس هذا الوجه الخفي لقانون آجال الأداء؟