صادق مجلس الحكومة يوم الخميس 28 غشت 2025 على مشروع مرسوم قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والريادة، محمد سعد برادة، يقضي بزيادة غير مسبوقة في تعويضات الساعات الإضافية الممنوحة لهيئة التدريس.
. الأرقام جديدة وبراقة: 159 درهماً عن كل ساعة إضافية لأساتذة الابتدائي والإعدادي، 218 درهماً لأساتذة الثانوي التأهيلي، وامتياز خاص للمبرزين يصل إلى 273 درهماً في الثانوي و327 درهماً في الأقسام التحضيرية والمعاهد العليا.
. كما تم رفع سقف الساعات الأسبوعية المسموح بها بساعتين إضافيتين، في ما يشبه “نافذة” مفتوحة للأساتذة لزيادة دخلهم.
. لكن خلف هذه الأرقام، يطل سؤال أكبر: هل الإصلاح التعليمي في المغرب تحول إلى مجرد سوق ساعات إضافية؟
. فالمشكلة التي تنهك المدرسة العمومية ليست في كمّ الدراهم الممنوحة للأساتذة، بل في طبيعة المنظومة التي تُعالج أزمتها المالية بقرارات جزئية.
. فبدل الاستثمار في التكوين الأساسي، في تقليص الاكتظاظ، أو في تجويد المناهج، يُقدَّم الحل على شكل تحفيز مالي يربط الجودة بعدد ساعات مؤدى عنها.
. هذه الزيادة قد تُقرأ في ظاهرها إنصافاً للأساتذة، لكنها في عمقها تحمل رسالة سياسية باردة: “لا نستطيع إصلاح المدرسة، لكن يمكننا شراء وقت الأساتذة”.
. والنتيجة أن المدرسة العمومية تتحول أكثر فأكثر إلى فضاء مرهق، حيث يغدو دخل الأستاذ رهيناً بعدد ساعات إضافية، بينما يظل التلميذ ضحية بنية منهكة.
. إن رفع التعويضات عن الساعات الإضافية قد يبرد غضباً آنياً، لكنه لا يعالج جذور الأزمة.
. فالتعليم في المغرب لا يحتاج إلى أستاذ يركض وراء ساعات إضافية، بل إلى رؤية تجعل من الأستاذ محوراً لتغيير حقيقي.
. وإلا فإننا سنظل نردد السؤال ذاته: متى تنتقل الحكومة من شراء الوقت إلى شراء المستقبل؟