في استغلالية بطانة وحصين بسلا، لم تعد معاناة عمال النظافة مجرد ملف إداري يُؤجل من شهر لآخر، بل تحوّلت إلى مأساة اجتماعية كاملة.
عمال شركة ميكومار يعيشون تحت وطأة تأخر الأجور واستغلال ممنهج يستهلك أعمارهم وصحتهم مقابل فتات لا يصلهم حتى في وقته.
المشهد يتكرر كل فاتح شهر: عمال ينتظرون أجراً بالكاد يكفي قوت يوم، لكنه يتأخر دائماً، فيسقطون بين فكي القروض البنكية والاقتطاعات القاسية.
بعضهم يعجز عن دفع كراء البيت، آخرون يضطرون للاقتراض لتغطية مصاريف المدارس والدواء.
المعاناة لم تعد مالية فقط، بل نفسية أيضاً، إذ صار القلق والترقب جزءاً من حياة أسر بأكملها.
ميكومار تكتفي بتبريرات واهية، بينما العقد واضح: الأجر مقابل العمل وفي موعده.
لكن ما يحدث هو استهتار صريح بحقوق العمال.
الأخطر أن السلطات المحلية، من جماعة وعمالة، صارت شاهدة صامتة.
الرسائل النقابية وُجّهت إليهم، الأصوات ارتفعت، لكن النتيجة واحدة: لا تدخل حاسماً، ولا حماية لأبسط الحقوق.
الصمت في مثل هذه الحالات ليس حياداً بل مشاركة غير معلنة في الاستغلال.
العمال يعملون في أصعب الظروف: شوارع متسخة، ساعات طويلة، معدات مهترئة، وروائح خانقة.
ورغم ذلك، لا يجدون سوى استغلال يضاعف هشاشتهم.
لا تغطية صحية حقيقية، لا تعويضات عادلة، ولا حد أدنى من الاستقرار الاجتماعي.
إنها صورة صادمة لاستغلال حديث يُمارس في وضح النهار تحت غطاء “التدبير المفوض”.
النقابة حذرت: استمرار هذا العبث سيدفع العمال إلى التوقف عن العمل.
ومعنى ذلك أن سلا مهددة بأن تغرق في الأزبال في أي لحظة.
فهل ينتظر المسؤولون الكارثة ليكتشفوا أن الظلم حين يتراكم ينفجر؟
القضية في جوهرها ليست نظافة الشوارع فقط، بل كرامة من ينظفونها.
مدينة سلا لا تحتاج إلى شعارات تُرفع في التقارير الرسمية، بل إلى عمال محميين بحقوقهم الأساسية.
فأي معنى لصورة حضرية مزيفة إذا كانت تُبنى على أكتاف منهكة وأجور متأخرة؟