لم يعد الخلاف الداخلي في بيت العدالة والتنمية يقتصر على تدوينات معزولة أو همسات تنظيمية، بل تحول إلى مواجهة علنية بين القيادة والقاعدة.

آخر فصول هذا المشهد كتب بسلا، حين فجّر القيادي المحلي حسن حمورو جدلاً واسعاً بسبب نشر الموقع الرسمي للحزب بياناً لرئيس جماعة سلا الاستقلالي، رداً على مقال رأي للمستشارة الجماعية أمينة أوشعيب.

ابن كيران اختار التدخل بنفسه ليضع النقاط على الحروف، معلناً أنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن نشر المقال والبيان معاً.

لكن صيغة التوضيح لم تخلُ من نبرة توبيخ واضحة لحمورو، حين وصف ما جرى من ردود أفعال بـ”الأعمال المرفوضة أخلاقياً ومؤسساتياً” وبأنها لا تحترم تراتبية المسؤوليات داخل الحزب.

قرار حمورو بتجميد عضويته، واعتباره نشر البيان “خطأ سياسياً فادحاً”، لم يكن سوى تجلٍّ لغضب جزء من القاعدة التنظيمية التي ترى في الأمر انحيازاً لخصم سياسي على حساب مناضلة حزبية.

وفي المقابل، أراد ابن كيران أن يبعث برسالة مزدوجة: التوازن مع الحلفاء السياسيين خط أحمر، والطعن في اختيارات القيادة لن يُقبل.

القصة، في جوهرها، أبعد من مقال وبيان. إنها معركة على هوية الحزب وصورة مؤسساته. فالموقع الرسمي الذي كان يفترض أن يكون لسان حال المناضلين، صار ساحة لتصريف مواقف متناقضة؛ والقيادة التي تبحث عن تهدئة مع الشركاء، تجد نفسها في مواجهة غضب داخلي يهدد اللحمة التنظيمية.

ابن كيران، بجرأته المعهودة، حاول إطفاء الحريق بخطاب أخلاقي، لكن الرسالة التي التقطها المتتبعون أعمق: “البيجيدي” يعيش أزمة توازن بين شرعية المناضلين وحسابات القيادة، وأي خطأ صغير قد يتحول إلى كرة ثلج تُربك حسابات الحزب بأكمله.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version